/ صفحه 118/
وسورة سبأ، وسورة فاطر. ومن هنا رأينا زيادة في تشخيصها وتوضيحاً لمنهجها أن نعود فنضع أمام القارىء صورة اجمالية لما عرضت له كل سورة من السور الاربع المدنية السابقة عليها في الترتيب. ثم نضع بازاء ذلك صورة اجمالية لما عرضت هى له، وبذلك يتضح سبيل الموازنة بين المنهجين، ثم نقفى ثانياً ببيان سبيلها مقارناً ذلك بسبيل السور الاربع الاخرى التي شاركتها في المكية والبدء باثبات الحمدلله.
* * *
عود على بدء في شأن ما سبقها من السور:
سورة الفاتحة تتضمن الاشارة الى جميع مقاصد القرآن:
أما سورة الفاتحة، فهي - وان كانت مكية - قد أخذت باعتبار ما تضمنته من الاشارة الى جميع مقاصد القرآن، وبذلك اختيرت فاتحة الكتاب، وأطلق عليها ((أم القرآن)) أخذت بهذا الاعتبار، شخصية تكاد تكون مستقلة في المنهج وفي المقصد عن سائر سور القرآن مكية ومدنية، وصارت نسبتها الى جميع سور القرآن بهذه الشخصية واحدة، يدل كل ما فيها على كل ما فيه، ذلك أنها تشير الى جانبى الحق والخير، متعلقى العقيدة والعمل، والعقيدة والعمل هما عنصرا الكمال الانسانى الذي نزل القرآن لرسم طرقه والدعوة اليه; ففى العقيدة بالنسبة للمبدأ، جاء قوله تعالى: ((الحمدلله رب العالمين، الرحمن الرحيم)) وفي العقيدة بالنسبة الى المعاد، جاء قوله تعالى: ((مالك يوم الدين)) وفي العمل، جاء قوله تعالى: ((اياك نعبد واياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم)) وقد توجت عقيدة الحق، وعمل الخير بصورتين:
احداهما: صورة تبشيرية لمن سلك الصراط المستقيم الذي يهدى الى الايمان بالحق وعمل الخير: ((صراط الذين أنعمت عليهم)).
والاخرى: ((صورة انذارية لمن حاد عن طريق الحق والخير: ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)).