/ صحفة 74 /
ظن ابن الأنباري والرضى لكان من الصواب أن ينشد البيت برواية أخرى تدفع عنه الضرورة من أول الأمر فيحذف منه الواو وينشد هكذا …
(أمهتي خندف الياس أبي)
لكن المسألة أولا وقبل كل شيء، ينبغي فيها على سبيل الأساس مراعاة الرواية ثم الكلام بعدئذ في الضرورة أو عدمها، أما أن تترك للنظر المرتب عليه تغيير البيت بما يتفق والصواب فليس من صالح العلم في شيء، لأن اباحة التغيير ترفع الثقة بالشعر وتؤدى إلى الاضطراب والاختلال.
القول الثاني، للجمهور وقد صححه السهيلي بعد ذكره القول الأول من ابن الانباري مؤيداً له بالشواهد الفصحى فيقول: (والذي يقوله غير ابن الانباري أصح: وهو أنه اليأس سمى بضد الرجاء، واللام فيه للتعريف، والهمزة همزة وصل، وقاله قاسم بن ثابت في الدلائل، وأنشد أبياتا شواهد منها قول قصي:
اني لدى الحرب رخي اللبب أمهتي خندف واليأس أبي
ويقال إنّما سمي السل داء يأس لأن اليأس بن مضر مات منه، قال ابن هرمة:
يقول العاذلون إذا رأوني: أصبت بداء يأس فهو مودى
وقال ابن أبي عاصية:
فلو كان داء اليأس بي وأغاثني طبيب بأرواح العقيق شفانيا
وقال عروة بن حزام:
بي اليأس أو داء الهيام أصابني فاياك عني لا يكن بك مابيا
* * *
فمن هذه الشواهد نستنبط أمرين على سبيل اليقين: الأول أن اليأس موصول الهمزة وأل طارئة عليه للتعريف فهو عربي محض مصروف منقول عن مصدر يئس، ومأخذه الرجز الأول في الأبيات، والثاني ما استفيد من الأول مع اضافة