/ صحفة 75 /
تسمية مرض السل بهذا الاسم للمناسبة بينهما، وقال الوزير بن بكار اليأس بن مضر أول من مات من السل، فسمى السل يأساً ـ وقانا الله جميعاً داء اليأس.
ولعلك تبينت الآن سر تقديمي للرجز الأول في مطلع درسنا اليوم، وأنه ذو اتصال قوى بالمطلوب، وأنه الدليل القوى الأول، ولو تريثت وانتظرت لأرحتك من الاستعجال بصورة لا تستويها نفسي، ولا تحوز عندي كمال الاستعلام والاسترشاد.
ولتزداد طمأنينة لما أقول فاسمتع إلى أبي عبيد البكري في شرح أمالي القالي لما أنشد أبو علي هذا البيت في الجزء الثاني الصفحة الواحدة بعد الثلثمائة معلقا على البيت: (هذا الرجز حجة من قال ان اليأس بن مضر اللام فيه للتعريف، وألفه ألف وصل، قال المفضل بن سلمة، وقد ذكر الياس النبي صلى الله عليه وآله وسلم: وأما اليأس بن مضر فألفه ألف وصل، واشتقاقه من اليأس).
والخلاصة أن في اسم جد النبي قولين: الأول أنه أعجمي مقطوع الهمزة مكسروها ممنوع من الصرف، والثاني أنه عربي موصول الهمزة مصروف. ولا ريب أن هذا الاختلاف حقيقي يترتب عليه أثر مختلف في الاستعمال.
موازنة بين القولين:
القول المعول عليه في اليأس جد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الثاني بعكس الياس النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمنقوض هنا هو المختار هناك، فالعلمان على الصحيح مختلفان أصلا ونطقا وحكما، ويعجبني لهذه المناسبة ختام الدراسة في اليأس جد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما أعده كقول جهيزة المشهور. ما نقله الأخفش الصغير في حاشيته على الكامل عند تعريف المبرد ـ بالنمر بن تولب، وأنه متصل النسب باليأس بن مضر ـ إذ ذكر ما لفظه: (قال ابن سراج رحمه الله من رواه بن الياس فقد أخطأ، إنّما هو ابن اليأس بوصل الألف وكسر السين، والألف واللام للتعريف، والاسم يأس مشتق من يئست)(1) وقد علق المرصفى بما يوافق
ــــــــــ
(1) الكامل: شرح الرغبة ج 4 ص 62.