/ صحفة 73 /
مالكا إذ كان يردد في درسه بالحرم المدني: ما منا الا من رد ورد عليه الا صاحب هذا المقام. ويشير إلى المقصورة النبوية.
ولعلك استشففت من وراء هذا التمهيد مجمل ما نفصله في المقدمات والنتائج في الحديث عن الياس، ودونك التفصيل:
تعلم ثانياً ـ هداك الله ـ أن في (اليأس) جد النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأيين متقابلين تمام التقابل: الأول أنه عجمي مقطوع الهمزة مكسورها، والثاني أنه عربي موصول الهمزة، فأل فيه للتعريف، وأنه منقول عن المصدر.
القول الأول، لابن الانباري حكاه عنه السهيلي في الروض الأنف في أول الكتاب عند الحديث على النسب النبوي، قال: (قال ابن الأنباري الياس بكسر الهمزة، وجعله موافقاً لاسم الياس النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال في اشتقاقه أقوالا، منها أن يكون فعيالا من الألس وهي الخديعة … ومنها … ومنها … الخ).
فابن الانباري يراه كالياس النبي في العجمة وقطع الهمزة، والمنع من الصرف للعلمية والعجمة، وتقدم في المقالات الماضية أن هذا الرأي مختار هناك، ولكنه لم يشفع بشيء في ناحية الاشتقاق، وهذا سليم من جهة المألوف في الألفاظ الأعجمية، فليس بعد العجمة من داع إلى هذه الاحتمالات المرددة من ابن الأنباري، وما أغناه عن التفكير فيها.
ولقد وافق الرضي ابن الانباري في هذا الرأي، فانه في شرح الشافية للرضي مبحث الزيادة: (الهاء) لمناسبة استشهاد ابن الحاجب في الشافية بالشطر الأخير من البيتين السابقين:
(أمهتي خندف والياس أبي)
قال رحمه الله:
(يريد الشاعر به الياس فوصل الهمزة المقطوعة ضرورة)، ولم يعتبر الرضي الضرورة الا لأنه يرى ما يرى ابن الأنباري من أنه مقطوع الهمزة كالياس اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، على أن بعض الحذاق يرى أنه لو كان مقطوع الهمزة كما