/ صحفة 52 /
تعبيرهم … فلما جاء عصر (التدوين) لجأ هؤلاء السادة إلى علومهم والى مقاييسهم العلمية والفنية، فقاسوا بها (كتاب الأميين) وأحاديث النبي الأمي المرسل إلى الأميين.
لقد كان في الامكان ـ لو أراد السميع البصير ـ أن يبعث رسوله من روما أو أثينا، أو غيرهما من بلاد الثقافات والفلسفات، وأن يبعثه كاتبا عالما فيلسوفا … فلو كان الأمر كذلك لكان جد طبعي أن يعمل العلماء والفلاسفة معاييرهم العلمية والفلسفية في الكتب والأحاديث النبوية التي جاءت على طراز معلوم لديهم … فأما والأمر لم يكن كذلك، فأما وقد خابت المعرفة الإنسانية، فلم تستقم عليها الأوضاع الاجتماعية، ثم جاء الهدى من لدن عليم حكيم في كتابه الكريم كتاب الأميين، فانه لم يكن طبعياً أن يعالج بأدوات فنية أخفقت فنونها من قبل انها أدوات غير صالحة أعملوها في مادة صالحة فماذا كان؟ كان للتنافر أو النشاز … أو كان ما شئت من أسماء ومسميات … ولكن الغاية لم تكن، لأنهم توسلوا اليها بما يؤدى إلى كل شيء عداها، لقد كنا في صدر الصبا وريعان الشباب نسمع كلاما لا تطيقه ونعده زندقة أو الحاداً في آيات الله … كنا نسمع مثلا أن المستشرق (اكس) أو المستغرب. (زيد) يرى أن الشريعة الإسلامية تأثرت بشريعة روما، فكنا نعده كلاما رجسا لا يدل الا على كفر قائله … ويضرب الدهر من ضربانه، فإذا شيخك يقول المقولة نفسها، وان كان مدلولها غير ما كان يتصور في العصر الخالي، فالشريعة الإسلامية هي هي لم يؤثر فيها (جستنيان) ولا (البيان) ولكنهما وغيرهما أثروا في المدونات والمصنفات.
قلت: وأي ضير في هذا؟ ان العلم حظ الإنسان بوصف كونه انسانا لا بوصف كونه شرقياً أو غربيا … وإذا كان منطق (أرستوت) صالحا لنظم أحكام الإسلام التي جاءت متفرقة، فلا اثم علينا إذا نحن تذرعنا بهذا المنطق؟
قال: ولا اثم علينا إذا لم تفقه البقر، لقد أبدأنا وأعدنا في تبيان ما نحن بصدده، فإذا أنت في النهاية كما كنت في البداية، ألا فلتعلم أن منطق (ارستوت)