/ صحفة 53 /
ومنطق (أبي علاثة) شيئان مختلفان، فأبو علاثة يفقه (انك ميت وانهم ميتون) دون أن يفقه (الصغرى) و(الكبرى) و(المقدمة) و(النتيجة) في حين أن (ارستوت) إذا أراد اثبات (انك ميت) قال: انك انسان وكل انسان ميت، اذن فأنت ميت. وهذه المقدمات والنتائج نفترض أنك درست شيئا اسمه الاستقرار وهو المؤدى إلى انك ميت. وأبو علاثة يجهل كل هذا وغيره من أبواب المنطق على أنه يعرف المدلول اللغوي (لنتج) و (قدم) و (واستقرأ) و (استنبط) ومشتقاتها جميعاً فأما معنى هذه الألفاظ اصطلاحا فأمر دونه خرط القتاد، بل ان أبا علاثة ليخرط القتاد ويشق الصخر، فذلك أيسر عليه من أن يخرط فروع (شجرة خرط) خرطاً اصطلاحياً، أو يشتقها اشتقاقا صرفياً.
قلت: أبو علاثة يجهل العلوم العقلية والعلوم اللغوية جهلا لا يشاركه فيه أغبى تلميذ من تلاميذ التعليم الابتدائي.
قال: وهو مع هذا، يفهم كتاب الله فهماً لا يشاركه فيه أعلم العلماء الذين برزوا في العلوم العقلية والنقلية واللغوية.
قلت: فهماً معتلا مادام ينقصه معرفة اللغة والمنطق.
قال: بل فهماً صحيحاً مادام قد سلم من علل المنطق وعلوم اللغة. فأنا لم أزعم أبا علاثة محروما من العقل أو جاهلا لغته. إنّما زعمته بريئا من قولهم (الصلاة اصطلاحا هي كذا) فهو لم يصطلح، واولئك الذين اصطلحوا وإنّما هو (منهم) أعنى من الأميين الذين بعث الله فيهم رسولا منهم.
قلت: ما دمتم تعنون الأميين فهل ترشحونني لفقه كتاب الله وسنة رسوله إذا استطعت أن أعود أمياً كما كنت قبل أن أعرف القراءة والكتابة؟
قال: ان أراده شيخك ـ بل أراده الله واستغفر الله ـ لا تتعلق بالمستحيل.
على أنك إذا استطعت أن ترتد عربياً أمياً تتكلم العربية كما كان أبو علاثة يتكلمها فأنا الزعيم بأنك تفقه كتاب الله وسنة رسوله فقهاً مثالياً، لا يطمع شيخك ولا شيوخ شيخك أن يفقهوه. أما أن ترتد أمياً غير عربي: أمياً كل مؤهلاته