/ صحفة 50 /
الشك كما تقولون، أو فلتكن أسطورة تطاول عليها الأمد فأكسبها قداسة شأن كل قديم ينظر إليه بعين الاجلال والتقديس، فما كانت لتعنيني الا من حيث جانبها الأدبي، ومن حيث تصويرها بيئة معينة، وخلقاً معينا، وحياة انسانية لا شك أنها حييت قبل الإسلام.
قلت: حياة انسانية … تعبير قد يضيق به أبناء النصف الثاني من القرن العشرين إذا قصدنا به تلك الحياة الجاهلية. حياة القبائل العربية قبل أن يهذبها الإسلام، أية انسانية هذه التي كانت الغارة قانونها الأعلى، والسلب والنهب، بل استلاب النفوس سنتها الموروثة؟
قال: السنة، بضم السين الوجه أو حره أو دائرته أو الصورة أو الجبهة أو الجبينان، والسيرة والطبيعة، وسنة الله حكمه وأمره ونهيه.
قلت: وما العلاقة بين السنة ومعانيها المختلفة وبين ما نحن فيه؟
قال: العلاقة بينهما قامت في دماغي، إذ تحدثت عن سنة الحياة الجاهلية، فذكرتني الفرض والسنة والمندوب والحلال والحرام، والمباح والمستحب والمكروه …
قلت: وأنتم ذكرتموني ما كنا نتفكه به حين نتحدث عن أمر فنقول: هذا أمر تعتريه الأحكام الخمسة، وما كان ليعرف الأحكام الخمسة هذه غير أصحاب الفقه، ومن إليهم ممن مارسوا العلوم الدينية ومارستهم … ولن أنسى أحاديث المرحوم الشيخ أحمد ابراهيم حين كان يتناول المصطلحات الفقهية المضللة أحيانا فيما يرى … فكلمة مكروه عند بعض الأقدميين مثلا تعنى المحرم، فإذا قيل: (كره أحمد هذا الأمر، أو هو مكروه عند أحمد) فان القصد أنه يحرمه.
قال: سقى الله جدث الشيخ أحمد ابراهيم. لقد كان من عمالقة الفقه وأصوله.
قلت: على أن له في الأصول رأياً يأباه الجمهور، بل يأباه الاجماع على حد تعبير بعضهم، فليست أصول الفقه عند الشيخ أحمد ابراهيم الا مخترعات أنشأها المتأخرون انشاء، وأدخلوا في روع الناس أنها الوسيلة الفريدة إلى فهم كتاب الله