/ صحفة 45 /
عنه إلى الفرق بين منهجه فيه، ومنهجه في كتاب (النهاية). ونحن نستطيع ادراك هذا الفرق بين المنهجين إذا نظرنا في كتابين آخرين من تأليفه لهما شهرة كبيرة بين فقهاء الشيعة، وهما كتاب التهذيب، وكتاب الاستبصار. وقد طبعا عدة مرات في ايران والهند، وقد ألف كتاب التهذيب في حياة أستاذه الشيخ المفيد، أي قبل سنة 413 هـ ومع ذلك فان هذين الكتابين من الكتب الاربعة في جوامع الحديث التي يستنبط منها فقهاء الشيعة الاثنا عشرية أحكام الشرع منذ زمن الشيخ إلى الوقت الحاضر، وفي كتاب التهذيب يجمع المؤلف بين ما اختلف فيه وما اتفق عليه، وقد حصر أحاديثه في ثلاثة عشر ألفاً وخمسة وتسعين حديثاً، أما في كتاب الاستبصار فقد اقتصر على ذكر ما اختلف فيه من الأخبار، وبين طريق الجمع والتوفيق بينها، وحصر أحاديثه في خمسة آلاف وخمسمائة وأحد عشر حديثا، وقال في آخر الكتاب: (حصرتها لئلا تقع فيها زيادة أو نقصان).
ولهذين الكتابين شروح كثيرة، وعليهما تعليقات أحصى بعضها العلامة المعاصر محمد محسن الشهير بالشيخ آغا بزرك الطهراني (أو الرازي) في كتابه القيم: (الذريعة إلى تصانيف الشيعة).
ونرى من ذلك كله أن الشيخ الطوسي زادت عنايته مع تقدمه في السن بطريقة الاجتهاد، واتجه في رغبته القوية في ضبط الأصول إلى منهج القياس، ولكنه مع ذلك لم يعدل عن طريقة الاخباريين، بل أثبت أنها وحدها غير كافية في تقويم الفقه على وجه الكمال.
وليس بنائل منه شيئا ما لاحظه بعض المتشبئين بطريقة الأخبار، الضاربين صفحاً عما يكملها من وسائل الاستنباط في الأحكام من أنه وقع أحيانا في شيء من التعارض والاختلاف يلاحظ في أقواله على حسب المسلكين(1)، إذ أن هذه الملاحظة المزعومة تحتاج إلى كثير من التمحيص والنقد.
ــــــــــ
(1) روضات الجنات ج 4 ص 42.