/ صحفة 436 /
أما التشبيه فيفرد له أبو العباس بابا في كتابه (الكامل) لأنه ـ كما يقول ـ جار في أكثر كلام العرب، ويذكر فيه أناعا من التشابيه الحسنة والمحمودة، والعجيبة والقريبة، ويتحدث عن وجه الشبه ويحدده؛ فالأشياء تشابه من وجوه وتباين من وجوه، فإنما ينظر إلى التشبيه من حيث وقع، فإذا شبه الوجه بالشمس فأنما يراد لاضياء والرونق، ولا يراد العظم والإحراق، والعرب تشبه النساء ببيض النعام تريد نقاءه ونَعمة لونه، والمرأة تشبه بالسحابة لتهاديها وسهولة مرها... وهكذا.
ويشيد بألوان من الشتبيه، فيذكر قول الشاعر:
كأن القلب ليلة قيل يعدي بليلي العامرية أو يراح
قطاة عزها شر فباتت تعالجه وقد غلق الجناح(1)
ثم يقول: قهذا غاية في الاضطراب، وقد قال الشعراء قبله وبعده فلم يبلغوا هذا المقدار، ويذكر تشبيه أمرئ القيس تعرض الثريا بتعرضأثناء الوشاح المفصل، ثم يقول قد أكثر الناس في الثريا فلم يأتوا بما يقارب هذا المعنى، ولا بما يقارب سهولة هذه الألفاظ.
ومن أعجب التشابيه ـ عنده ـ تشبيه النابغة ممدوحه بالليل الذي هو مدركه، وبالخطاطيف الجن في حبال متينة، وبأنه شمس والملوك كواكب، ومن عجيبه تمثيل (2) امرئ القيس عيون الوحش بالجزع الذي ل يثقب، وتشبيه ذي الرمة الظليم اليابس القوائم من الهزال، إذا مد جناحيه بالبيت من الشعر، وضلوع ناقته بالقسى، ومن تشبيه المحدثين المستظرف تشبيه بشار الفؤاد الخالق حذاز البين بالكرة تتوئب
وأما المجاز فهو يذكره في آخر كتابه، ويمثل له بقول الله تعالى: ((فمن شهد
ــــــــــ
(1) نسبهما المبرد ـ بلفظ الظن ـ إلى تىبة بن الحمير، ونسبهما الأخفش للمجنون)) قال: وهو الصواب.
(2) لم يفرق المبرد بين التشبيه والتمثيل.