/ صحفة 431 /
فقا له النجاشي: فاقرأ علي.
فقرأ عليه جعفر صدراً من سورة مريم.
فقال النجاشي: ما زاد هذا لعي ما في الإنجيل إلا هذا العود، لعود كان في يده أخذه من الأرض، ثم دعا بعمرو بن العاص وصاحبه وقال لهما: انطلقا، فو الله لا أسلمهم إليكما أبداً، ولو أعطيتموني جبلا من ذهب.
وقد أرسلت قريش إليه عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة مرة أخرى بعد غزوة بدر، ليدفع لها من عنده من أولئك المهاجرين، وكانوا لا يزالوان عنده، ليقتلوهم فيمن قتل منهم في هذه الغزوة، فلم يجبهم إلى هذا أيضاً، ومكث محافظاً على جوارهم، إلى أن اختاروا من أنفسهم الرجوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة، وكن أمره قد ظهر فيها، وصارت له قوة تحمي أبتاعه من أعدائهم، فرجعوا إليه سنة (7هـ ـ 628م) بعد أ، أقاموا في الحبشة نحو عشر سنين، وقد أرسل النجاشي معهم وفداً من الحبشة ليوصلهم سالمين إلى المدينة، فبالغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إكرام رجاله، حتى كان يخدمهم بفسه، فقال له أصحابة: نحن نكفيك يا رسول الله. فقال: إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، وإني أحب أن أكافئهم.
وبعد هذا نزلت الآية ـ 82 ـ من سورة المائدة ((لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون)) فقدر للنصارى هذهالمودة للمسلمين، ولم يجحد فضلها لهم، ثم أطلقها، وأن كان لم يجدها الا من نصارى الكنيسة الشرقية لأن نصرانيتهم كانت مطبوعة بطابع الشرق الوديع، لأنه كان مهد النبوات التب دعت إلى التراحم والتعاطف بين طوائف الإنسانية، ولم يكن كالغرب الذي سار منذ القدم وراء القادة الفاتحين، من ذوى المطامع السياسية، والمآرب القائمة على حب التغلب والقهر، والسيادة على الشعوب بالقوة، لكسب الشهرة والصيت، ونيل المجد الكاذب في الدنيا،