/ صحفة 430 /
فأرسل النجاشي في طلبهم، فجاءوا إليه وفهم جعفر بن أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان قد دعا أسافقته، وأمرهم بنشر مصاحفهم حول، فقال لهم فيها قال: ما تقولون في ابن مريم وأمه؟ فقال جعفر عنهم: نقول كما قال الله عزَّ وجلَّ، روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول التي لم يسمها بشر، ولم يفرضها ولد (1).
فقال النجاشي: انزلوا حيث شئتم بأرضي، فأنتم سيوم أي آمنون. وأمر لهم بما يصلهم من الرزق، وفي رواية أنه قال: ما أحب أن يكون لي جبل من ذهب وأن أوذي رجلا منكم.
وفي رواية أن النجاشي قال لهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم؟ ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من الملل. فقالوا له: أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله لنا رسولا كما بعث الرسل إلى من قبلنا، وذلك الرسول منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله تعالى لنوحِّده ونعبده، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا أن نعبد الله تعالى وحده، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والكفِّ عن المحارم والدماء، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، ؤقذف المحصنة، فصدَّقناه وآمنَّا به، واتبعناه على ما جاء به، فعدا علينا قومنا ليردُّونا لاي عبادة الأصنام، واستحلال الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورجونا الأ نظلم عندك، يأيها الملك.
فقال النجاشي لجعفر: هل عندك مما جاء به شيء؟
فقال جعفر: نعم:

ــــــــــ
(1) يفرضها بمعنى يشقها ويخرج منها.