/ صحفة 432 /
حتى صار ذلك غريزة في أهله، وغلب على الغريزة الدينية التي تدعو إلى التعاطف والتراحم بين طوائف الإنسانية.
وقد كان لهذا أثره في أتباع الكنيسة الغربية حينما وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليهم دعوة بريئة إلى الإسلام، يحملها رسل منه إلى أمرائها وملوكها، وليس بيدهم إلا كتاب الدعوة، وإيمانهم بأنهم يؤدون رسالة سلمية بريئة، فكان جزاؤهم القتل من أتباع هذه الكنيسة، وكان هذا أول شر لقيه الإسلام من الغرب المسيحي، لأن السياسة الظالمة تهمه اكثر مما يهمه الدين، حتى طبعه ذلك على القسوة، وليس المسيحية الوادعة عي ذلك الطبع القاسي، فلم يمكنها أن تتغلب عليه، ولم يمكنها وهي شرقية وادعة أن تقلع من نفسه تلك القسوة لعي الشرق الذي هداه بها، وأنقذه من الوثنية والوحشية، لأن ما بالطبع لا يتغير، وإنه ليسهل أن تتحول الجبال عن أمكنتها، ولا تتحول النفوس عن طباعها.
فهذه المسيحية الغربية التي دنستها السياسية الظالمة هي التي أفسدت ما كان بين الإسلام والمسيحية البريئة من علاقة حسنة، وهي التي أمر الإسلام بقتالها حين بدأته بالشر، وذكر أنها هي ومن يمائلها من اليهود ممن لا يؤمن بالله واليوم الآخر، وذها في قوله تعالى في الآية ـ 29 ـ من سورة التوبة ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن الجزية عن يدوهم صاغرون)) والمراد أنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر الإيمان الذي تترتب عليه آثاره الحسنة من البر بالناس عي اختلاف أديانهم وأجناسهم، وإيثار ما يبقى على ما يفني من هذه الدنيا التي تنطاحن عليها، وتجعلنا نؤمن بسياستها الظالمة أكثر مما نؤمن بالله واليوم الآخبر، فنؤمن فيها من غير حياء بأن الغاية تبرر الوسيلة، وبأن القوة فوق الحق، وبأن محالفة الشيطان سائغة في سبيل على بعض بني الإنسان، إلى غر هذا من مساوئ هذه السياسة.
ولا تزال هذه المسيحية الغربية متنكره للإسلم الذي مد يده إليها لأول