/ صحفة 415 /
استخدم بعد ذلك الشروح النفسية للفكر الإغريقي، استعان بتجاربه في الحياة وخبرته في جاهها وعرضها، فسر بعض آيات القرآن على وجه خاص، اعتمد على بعض أحاديث لم يحقق سندها، كل ذلك أتى به لنوضح فكرته وليقنع بمنهجه، أنه صاحب مذهب أخلاقي، أملته عليه ظروف الحياة اليت عاش فيها. عاش في الكفاح والخصومة، وعاش في جاه الحظوة والامامة، ولكنه رأى الناس متهالكين على جاه الدنيا وعرضها، أكثر من إيمانهم بقيمة المبادئ والفضائل وبما أنه قد عاش في حظوة السلطان، في إمامة العلم والمعرفة، وخبر ما لهذه وتلك، هاله أن يرى تهافت الناس على ذلك تاكين القيم الحقيقية وهي قيم المبادئ والفضائل. والمبادئ والفضائل وراء الجاه والمال، وراء جاه السلطان وجاه العلم ووراء المال والاعتماد عليه. هي في ذات الإنسان هي في الاستغناء عما يذله، ويحركه ذاث اليمين والشمال، هي في التزام النفس عدم التعلق بالدنيا.
لهذا قام مذهبه على عدم التعلق بالدنيا، واضطر بعد ذلك لأن يوضح كيف لا يتعلق الإنسان بالدنيا وهو فيها، كما اضطر لأن يبين كيف يستعيض عن لذة الدنيا بلذة أخرى هي أبقى، إن قاوم تعلقه بالدنيا وانتصر على إغرائها، وتلك هي لذة انكشاف عالم الروبوبية له.
الغزالي في مذهبه الأخلاق متجاوب مع تطوره، ومتجاوب مع حياته وصدى لأحاسيسه التي كونها عن جماعته في وقته. رأي أن المنهج الذي وضعه لسلوك الإنسان هو المنهج الذي يجنبه الذلة في الحياة، والتردد بين مغرياتها ومفاتنها هو الذي يجنبه الشعور باللذة المؤقتة ـ وهي لذة الدنيا ـ والألم بعد ذلك عند فقدها الغزالي في مذهبه الأخلاق قوم ((ارادة)) الإنسان وجعلها هي الإنسان نفسه. فعند ما يطللب مجاهدة النفس، يطلب أن نستخدم ارادة الانسا، وأن يكون موضوع استخدامها هو ذاته ونفسه.
الغزالي بعد ذلك لم يشأ أن يجاري الناس في مبارشتهم للعبادة عي النحو الذي