/ صحفة 411 /
تجربة)). وروي الحسن عن رسول الله صلى الله وسلم أنه قال: ((العلم علمان، فعلم باطن في القلب، فذلك هو العلم النافع(( وسئل بعض العلماء عن العلم الباطن ما هو؟ فقال: هو سر من أسرار الله تعالى، يقذفه الله تعالى في قلوب أحباثه، لم يطلع عليه ملكا ولا بشرا)).
(ب) وبعد أن حدد الإلهام على هذا النحو أنه علم بدون تعلم يقع في القلب من حيث لا يدري صاحبه، وأنه لذلك مغاير للعلم المكتسب، وهو الذي يحصله الإنسان عن طريق عقله وحواسه ـ بعد ذلك دلل على وقوعه، وعلي أنه حقيقة لا تنكر، وأن الوحي الذي هو الشرع مؤيد له وشاهد عليه على نحو ما فسر بعض آيات القرآن الكريم وحديث الرسول عليه الصلاة والسلا.
ثم أوضح أن السبيل إليه هو رياضة النفس ومجاهدتها وورعها وتقواها، ((والسبيل إلى العلم اللدني)) ((وعلمناه من لدنا لعما)) المجهدة، والورع، والإغراض عن شهوات الدينا. وقال بعض العلماء: يد الله على أفواه الحكماء، لا ينطقون إلا بما هيأ الله لهم من الحق. وقال آخر: لو شئت لقلت: إن الله يطلع الخاشعين على بعض سره)).
والغزالي هنا في أخلاقه الصوفية يمعن في المجاهدة ورياضة النفس، والإعراض عن الدنيا. والقسم الثاني من القمسين الرئيسين لكتابه إحياء علوم الدين خصصه لهذا الجانب، خصصه لما يجب أن يكون عليه الذي يجاهد نفسه ويروضها، حتى يصفو قلبه ويُقذف فيه من حيث لا يدري بنور الكشف والإلهام.
وهذا الذي يجب أن يكون عليه مجاهد النفس في نظر العزالي أمران:
1 ـ الأمر الأول أن يتخلى عن الدينا ومباهجها تماما. ويصور ذلك فيما كتبه عن ذم الدنيا، وذم المال والبخل، وذم الجاه والرياء.