/ صحفة 399 /
وإنه لقرآن عربي غير ذي عوج، وما كان سبحانه وتعالى ليقو هذا في كتابه المبين غير مرة لمجرد الإخبار.. إنه لقرآن.. وإنه لعربي فإذا كان غير عربي فهو قرآن إن شاءوا، بيد أنه ليس هو الذي نزل به الروح الأمين على قلب خاتم الأنبياء والمرسلين، لقد نسبه منزله إلى اللغة العربية وقد كان سبق في علمه أنها آخر الأمر منتسبة إليه، فليست العربية الآن لغة شعب يتكلمها فطرة وإنّما نحن نتعلمها في مصر والعراق والجزيرة وإيران وغيرها بوصف كونها لغة القرآن لا لأنها اللغة التي كانت تتكلمها قريش ومن إليها حتى نهاية القرن السادس أو السابع أو الثامن، دنها الآن لغة القرآن أو اللغة القرآنية كما كان يقال في سالف الزمان: لغة العرب أو اللغة العربية.
قلت: أفهم من هذا أن اللغة العربية تعد من اللغات الميتات إذا أغفلنا ذكر القرآن، فنحن نتعلمها في مصر والهند وإيران، وقد نُنجِحُ في تعلمها أيَّما إنجاح، وقد يخفق البدوي النجدي إذا حاول أن يتعلمها إيَّما إخفاق، فالقرآن إذن هو الكائن الحي الأوحد الذي يتكلم العربية ابتداءً أو فطرةً إن صح هذا التعبير أما هي فلا تعدم مكانها بين الأموات ولاتزل منزلتها بين الأحياء إلا به، فلو نقلنا القرآن إلى المسلمين بلغاتهم المختلفة، وأصبح لفارس قرآنها الفارسي، ولتركيا قرآنها التركي، ولنجد قرآنها النجدي، ولصعيد مصر قرآنها الصعيدي الذي يكثر حوشيه ووحشيه إذا قران سكان الوجه البحري ذوو القرآن الرقيق الذي قد يدق على ذوق الصعيد الغليظ، لو فعلنا فمعلتنا هذه لنقلنا لغة القرآن إلى صندوق العدم هناك بجوار شقيقاتها الساميات وبنات عمها من غير الساميات، وبات حُمادَاها أن تدرس في الجامعات كما تدرس السريانية والعبرية واليوانية القديمة واللاتينية.
قال: قد تكون هذه آمال حزب الشيطان، ولكني أقطع بأنها لن تكونآمال الشيطان نفسه، فهو يعلم وإن جهل أفراد حزبه أنه قرآن عربي غير ذي عوج