/ صحفة 388 /
الأحداث العظمية الموصولة بدخوله مكة ظافراً دون أن يريق ملء محجمة دماً، الأمر الذي نعتبره من أضكم المعجزات ولا سيما في مثل تلك الظروف، ودارسوا محمد حق الدراسة يرون كل خطوة من حركته معجزة لا تبهظ العقل، ولا تحرج الفكر، وتلك هي المعجزة الحق في أصدق مظاهرها، وأكرم مفاهيمها.
(ب) هذا على صعيد الواقع، وأما ما فوق الواقع.. أما نموذج المعجز الخارق للعادة ـ وهو ما يستهوى الكثيرين حتى الآن ـ فقد ذكر القرآن الكريم منه حديث (المعراج) فقال في سورة الإسراء: ((سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حول، لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)).
والمعجزة في هذا الحديث تظهر ـ كما يقول المفسرون ـ بطي ثلاث مراحل طيا خارقاً للعادة: أولها بين مكة والقدس، والثانية بين بيت المقدس والسماء، والثالثة بين السماء وبيت أم هاني أخت علي رضي الله عنه في مكة حيث بدأ مسراه إذ انطلق منه وعاد إليه كل ذلك في برهة لم تستغرق إلا جزاءاً من الليل.
يقول الزمخشري في الكشاف: إنما ذكر (ليلا) بالتنكير مع (أن الإسراء) لا يكون إلا في الليل، لينص على سرعة السير، ويعلن أن الرحلة لم تستغرق إلا جانباً من الليل، وبذلك حمّل التنكير معنى (البعضية).
وبدهي أن قطع المسافة بين مكة والقدس في عهد القتب والبعير ببضع ساعات أمر غير عادي، ولا مألوف، ولا طبيعي أيضاً، فقد كانت هذه المسافة تقطع بأربعين يوماً كما يروي الكشاف.
وأبده من هذا خرقاً للعادة أن يصعد إنسان إلى السماء ويعود منها إلى بيت أم هاني فيتم نومه، الأمر الذي عجزت عنه ((الذرة)) اليوم في المقياس المادي.
هذه معجزة خارقة للعادة ذكرها القرآن.