/ صحفة 377 /
بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)) ولقد روي أن أكثم به صيفي حكيم العرب بعث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوفد يتبين له رسالته فتلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على وفده هذه الآية الكريمة، ولقد أجمع علماء الإسلام على أنها أشمل آية لبيان مقاصد الإسلام السامية.
والعدل طالب به الإسلام بالنسبة للعدو والولي على سواء، فالعدل حقيقة مقررة ثابتة إلى يوم القيامة لا تفرق بين عدو ولا ولي ولذا يقول الله تعالى: ((ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)) ويقول سبحانه: ((يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله، ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين، إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما، فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا، وإن تلووا أو تعرضوا، فإن الله كان بما تعملون خبيرا)) ولقد روي أبو ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه حكى عن ربه تعالى أنه يقول: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي فلا تظَّالموا)).
فالمجتمع القرآني لا يمكن أن يرضى عن ظلم يقع فيه؛ ومهما تكن أسباب الحياة متقدمة، والاقتصاد المالي مستقيما، والعمران مستبحراً، فلن يكون المجتمع مما يقره القرآن إذا انطوى شيء منه على ظلم، بل إن الله سبحانه وتعالى لم يعتبر الإيمانَ إن لابس المؤمنُ ظلماً ـ مؤديا إلى أمان، ولذا قال تعالى: ((الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم، إولئك لهم الأمن وهم مهتدون)).
(13) والعدل الذي دعا إليه القرآن ليس هو فقط ما يجري به القضاء وما يجري به أعمال الولاة والحكام، وإن كان ذلك أوضح العدل وأظهره، بل إن العدل القرآني يشمل هذا ويشمل للعدل