/ صحفة 376 /
كل حلف أساسه التعاون على نصر المظلوم وإقامة الحق والعدل، ولقد حضر قبل البعث المحمدي حلفاً عقده بعض زعماء البطون من قريش في بيت عبد الله ابن جدعان، وقد تعاهدوا فيه على أن يكونوا مع المظلوم على الظالم مارسا ثبير وما بل بحرٌ صوفة(1) )) ولقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد البعث في هذا الحلف: (حضرت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً، ما يسرني أن لي به حمر النعم، ولو دعى به في الإسلام لأجبت).
وما أقر الإسلام الحرب إلا لهذا التعاون الإنساني الكامل؛ لأن أساس التعاون منع الخبث وإقامة الخير، والحرب الإسلامية لمنع الفساد ولإقامة التعاون الإنساني على أساس من الفضيلة سليم، ولذا يقول سبحانه: ((ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)) ويقول سبحانه: ((ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز)).
هذا هو الأساس الرابع من أسس المجتمع القرآني، وهو تعاون عام شامل يخص المسلمين، ويعم العالمين.
(12) أما الأساس الخامس فهو العدل، وهو دعامة الدعائم لكل بناء اجتماعي، فما يقوم مجتمع إلا إذا كان العدل قوامه وعنوانه، وهو مقصد الإسلام الأسمي، بل هو مقصد الديانات السماوية كلها، فقد قال تعالى في وصف الغاية من رسالة الرسل: ((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات، وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب؛ إن الله قوي عزيز)) فلغاية الأولى التي أجمعت عليها الرسالات السماوية كلها أن يقوم الناس بالقسط، والا يبغي بعضهم على بعض، وجاء أمر القرآن صريحاً بالعدل وأنه الغاية السامية فقد قال تعالى: ((إن الله يأمر

ــــــــــ
(1) ثبير: جبل، وهذا كناية عن التمسك بالعهد.