/ صحفة 375 /
ولحرص الإسلام على التعاون المطلق دعا إلى عمل كل ما من شأنه أن ينفع الناس، بلف أن ينفع الأحياء بشكل عام، ولذا يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو دابة إلا كتب له به صدقة) فالإسلام يرى أن من التعاون الذي يجب أن يسهم فيه المسلم ـ عمارة الأرض بالزرع والغرس ليكثر ما يمد به الإنسان أخاه الإنسان من قوت، وما يكون به إقامة الحياة الصالحة القويمة، وهذا تعاون إنساني كامل.
(11) وإن التعاون في الاجتماع الإسلامي ليس مقصوراً على المسلمين، بل إن التعاون على إقامة الحق والفضيلة واستدرار ينابيع الخير من الأرض وما يحيط بها يشمل الاجناس كلها والاديان كلها، فالله سبحانه وتعالى يقول: ((يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند ألله أتقاكم، إن الله عليم خبير)) ومن هذا النص يتبين وحدة العالم الإنساني في نظر الإسلام، وأن التعاون واجب بين آحاده وجماعاته، وإن اختلفت الاجناس والألوان، وإن القرآن الكريم ليصرح بأجلى بيان بالوحدة الإنسانية، فيقول سبحانه: ((وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا، ولو لا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما فيه يختلفون)) ومثل هذه الآية التي تثبت وحدة الإنسانية في القرآن كثير.
ولذلك كان البر حقاً لكل انسان بوصف كونه انسانا؛ ولا تنقطع العلاقة إلا بالنسبة للجماعة التي تحارب الحق فتقاتل لبغيها، ويكون الانقطاع بمقدار الضرورة؛ ولذا قال سبحانه: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، أن الله يحب المقسطين).
ولقد بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن قريشا في قحط، وأن فقراءها في مخمصة وكان بينه وبينهم موادعة، فأرسل حاطب بن أبي بلتعة إلى أبي سفيان بن حرب بخمسمائة دينار ليشتري بها قمحاً ويعين به الضعفاء من قريش.
ولهذا التعاون الإنساني الكامل في المجتمع القرآني كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقبل