/ صحفة 374 /
(10) أما الأساس الرابع فهو التعاون، والتعاون الإسلامي تعاون على الخير مع كل من يعمل الخير، وتعاون على دفع الآثام مع كل من يعمل على دفعها، ولذا جاء الأمر بالتعاون عاما في قوله تعالى: ((وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله، إن الله شديد العقاب)).
وإن التعاون على الخير يشمل التعاون الاقتصادي، ويشمل التعاون التهذيب الذي أساسه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو خاصة الإسلام، كما قال تعالى: ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) فخاصة الإسلام هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو مناط خيرية المسلمين، فإن قاموا بحقه كانوا خير أمة، وإن لم يقوموا بحقه فهم في الحضيض الأوهد، وهو باب التعاون على إيجاد رأي عام مهذب يشجع على الخير، ويمنع من الشر، يدفع إلى الفضيلة، ويحاجز بين الناس وبين أن تظهر الرذيلة رافعة رأسها كما تشيل الحية برأسها.
وإنه لإيجاد معنى التعاون في نفوس المسلمين اعتبروا جسما واحداً كما وردت الآثار الصحاح، ودعى المسلم لأن يكون ممن يألف ويؤلف، فلا يكون جاسي الطبع نفورا، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (المؤمن مألف، فلا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) ودُعِيَ المؤمن إلى التسامح في المعاملات المادية لكيلا تكون نفرة بين المسلمين بعضهم مع بعض بسبب التنابذ المادي، والتخاصم حول المال، فكان صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (رحم الله امرأ سمحاً آذا باع سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا عامل) وتلك السماحة ثمرة من ثمرات التواد والتراحم، وركن من أركان التعاون ومنع التزاحم، وجعل التنافس في الخير وفي سبيل الخير، لا للمادة وفي سبيلها، فإن التنافس في فعل الخير خلق فاضل، والتزاحم على المادة تكالب عليها، كما يَقرم الوحش إلى لحم الفريسة، فأمر المسلمين بالمادة تعاون في طلبها والحصول عليها والإيثار فيها بعد الحصول، وبالنسبة لكل خير إنساني تزاحم عليه وتداع إليه.