/ صحفة 372 /
السماء إلى الأرض، وبأسرار الكون وما فيه ووسائل السيطرة على ينابيع الخير فيه، واستخدام كل قوة من قواه في خدمة الإنسان.
وقد ابتدأنا بهذا الاساس؛ لأنه عما عظيم في بناء الاجتماع القرآني، ولأنه أول دعوة إلى المؤمنين، وجهها القرآن الكريم، ولأنه أول نداء الوحي المحمدي إلى النبي الامين؛ وهو كما نوهنا يجعل شعار الإسلام الذي يعلنه هو العلم والمعرفة.
(8) والأساس الثاني بعد هذا الاساس هو الكرامة الإنسانية، وقد صرح بذلك القرآن الكريم ودعا إليه، فقد قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير من خلقنا تفضيلا).
وهنا نرى النص عاما يدعو إلى تكريم الإنسان لذات الإنسان فهو تكريم لابن آدم بوصف أنه ابن آدم، لا فرق بين عربي وأعجمي، ولا سامي وآري، ولا أسود ولا أبيض، ولا أحمر، فكلهم أبناء آدم، وآذا كان بعضهم في جهل فعلى المجتمع الإسلامي أن يعلمه , كما قال على رضى الله عنه: (لايسأل الجهلاء لِمَ لم يتعلموا، حتى يسأل العلماء لِمَ لم يعلموا) وإذا كان بعضهم قد تخلف في ناحية من النواحي الاجتماعية فعلى الباقين أن يعاونوه.
وإن ابن هذه الأرض الذي خلق من طين قد جعله الله سبحانه خليفة في هذه الأرض بحكم النصوص القرآنية، إذ يقول سبحانه وتعالى عن بدء خلق الإنسان وتمكينه في هذه الأرض: ((وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعلم ما لا تعلمون).
وإذا كان للإنسان هذه الكرامة عند ربه بحكم إنسانيته فإن المجتمع عليه أن يعمل على منع الكرامة الإنسانية من الهوان، وأن تتضافر كل قواه لرفعة الإنسان لا لإذلاله، وان الجميع متساوون في هذا القدر من الإنسانية الذي يوجب التكريم فلا تفاضل بالأجناس ولا بالألوان، ولكن التفاوت بالأعمال، ((فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)) وبذلك يقوم