/ صحفة 371 /
(7) لقد وضعنا بهذا النص الفقهي المحكم يد القارئ على مدى ما وصل إليه إدراك فقهاء المسلمين من إدراك للمعاني الاجتماعية والاقتصادية، ومعاني المعرفة الإنسانية التي تجعل كل نوع من أنواع هذه المعرفة يفتح بابا للجهد الإنساني ليعمل فيه، ويصل إلى أقصى الغاية في مصلحة المجتمع؛ ولذا وصلوا في الماضي إلى درجات من العلم بوسائل استغلال الأرض وما فيها وما حولها كانوا فيها من السابقين بالنسبة لعصورهم.
وإذا كانوا قد تخلفوا من بعد فلتقاصر الهمم وضعف العزائم وخمول النفوس، وتنكبهم العمل بما ترمي إليه النصوص القرآنية التي تبين أن الكون وما فيه مسخر لابن آدم يعمل فيه وينتج كما قال سبحانه وتعالى: ((ولقد مكناكم في الأرض، وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون)).
ولقد وجدنا في هذا العصر ناساً، ومنهم من يتسربلون بسربال علماء الدين يقولون عبارات مبهمة تفيدان خمول المسلمين من تمسكهم بألفاظ النصوص الدينية، ويقولون وعليهم إثم قولهم: إن الأرض العربية كانت تموج طبقاتها بالزيت من قديم وما كشف المسلمون عن شيء منه حتى جاء الأمريكان وغيرهم فأثبتوا أن الصحراء العربية كأنها سفينة تغطي بحراً من الزيت. فعلى المسلمين أن يتحرروا من التمسك بالألفاظ ليعرفوا أرضهم.
ونحن نقول ما كان تقاصر الهمم حجة على الإسلام الذي يدعو ابن الأرض أن يستخرج ما في بطونها، وقد قرر الفقهاء أحكاماً لما يخرج من باطن الأرض، وجعلوا لمن يخرج من باطنها شيئاً ملكية تامة فيه ليكثر الإنتاج، وتستخرج كل ينابيع الخير، ولكن الناس خملوا، والخمول إذا سيطر على أمة طويت فيها كل مقدرة، وتمايل فيها كل قائم، وخبت فيها كل قوة، ويكون العيب فيمن سكنوا إلى هذا الخمول، ولم يستمعوا إلى نداء القرآن بأن الله سخر لهم الأرض وما حولها من أكوان، ولا عيب في ذات الدين.
هذا هو الأساس الاول من أسس الاجتماع القرآني، وهو المعرفة بهداية