/ صحفة 363 /
الإيمان بالله، ولذلك نجد العلماء المبرزين في إية ناحية من النواحي الكونية مؤمنين بالله، لأنهم رأوا أكثر من غيرهم عجائب صنعه، واطراد نظامه، والإنسان مفطور على الإحساس بالقوة الغيبية، يرى آثارها في نفسه وفي كل شيء حوله، فإذا جاء من يلفت نظره إلى الكون وما فيه من الأسرار، بل من يلفته إلى نفسه: كيف خلق ((وكيف يفكر، وكيف يعيش، وكيف يموت، فإنه لابد متجاوب بروحه وقلبه مع هذا الذي يلفته ويوجهه، مؤمن بهذه القوة الغيبية التي فطر على الإحساس بها، وهي الإله القادر العليم الحكيم.
وبهذا تكون الحجة عامة لكل ذي عقل سليم، وفطرة صافية، وإخلاص في تطلب الحقيقة من دلائلها المبثوثة في آفاق السموات والأرض، ولذلك يقول الله جل شأنه: ((سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق، أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد)).
جوانب أخرى عرضت لها السورة تركيزاً لعقيدة التوحيد:
وقد أيدت السورة هذا الجانب، وهو جانب النظر في ملكوت السموات والارض، المفضي إلى الإيمان يالإله الحق، بقصة إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، حين تدرج بقومه إلى إبطال رأيهم وميراثهم الذي ورثوه عن آبائهم في تأليه غير الله، وفي ذلك جاءت الآيات الكريمة من قوله تعالى: ((وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أنتخذ أصناماً آلهة)) إلى قوله جل شأنه: ((وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه)).
وستعرض لهذا الجانب بالتفصيل في غير هذا الموضع إن شاء الله.
ويتصل بهذا الجانب ـ جانب التوحيد ـ ما جاءت به السورة في ناحيتين.
الناحية الأولى: إبطال ما زعموا من تحريم ما لم يحرم الله، وإحلال ما لم يحل، وذلك فيما ذكرنا طرفا منه حين تحدثنا عن وجه تسمية السورة باسمها، والطرف الآخر هو استحلالهم قتل أولادهم، وقد ذكرته السورة في أثناء ما حكته عن شركهم وجعلهم لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيباً، ولشركائهم نصيباً، وذلك قوله تعالى ((وكذلك زين لكثير من المشركين قتل