/ صحفة 364 /
أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم، ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون، وقد جمع الله تعالى بين تحريمهم بعض ما رزقهم من الأنعام والحرث وقتلهم أولادهم فيما تلوناه، ثم في إبطاله وتقرير خسارتهم به، إذ يقول: ((قد خسرو الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله، قد ضلوا وما كانوا مهتدين)).
الناحية الثانية: تقرير الوصايا العشر التي هي أمّهات الأخلاق الفاضلة، باسم الربوبية، وذلك ما ذكر في الآيات المبدوءة بقوله تعالى: ((قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم)) قإن هذه الوصايا جاءت في مقابل تحريمهم وتحليلهم لأنفسهم، أو اتباعهم لشياطينهم أو لوحي شركائهم وأوليائهم فيما التزموا به من التحريم والتحليل، فكأن السورة تقول لهم: ليس التحريم والتحليل إليكم ولا إلى أحد، إنما هو لله وحده، فاستمعوا إليه يذكر لكم ما حرم عليكم، ويؤيد ذلك أن هذه الوصايا جاءت مباشرة بعد قوله تعالى: ((قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا)) ـ والإشارة إلى ما حرموه وبينت الآيات فساد حكمهم في: (فإن شهدوا فلا تشهد معهم، ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون).
وقد كانت خاتمة هذه الوصايا العشر الجامعة هي قوله تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا لاسبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) وهي جامعة لكل ما يتصل باستهداف التوحيد في العقائد والأعمال، وتجنب التعدد والتفرق بالسبل المختلفة، فإن الصراط الواحد هو الصراط المستقيم، والصُّرُط الأخرى ضالة مضلة لا يحبها الله، ولا يقرها، ولذلك تقرر السورة بعد ذلك في صراحة وقوة أنها ليست مما يتفق ورسالة الإسلام، وأن رسول الإسلام بريء من كل تفرق في الدين أساسه الحزبية والتعصب، فتقول: ((إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون)).
وسنتحدث عن ذلك كله في مواضعه حديثاً مفصلا إن شاء الله.