/ صحفة 361 /
وتدعو إلى الموازنة بين الله جل علاه، وما يتخذونه من الشركاء، فنقول: ((قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعِم ولا يطعَم)) ((قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم من إله غير الله يأتيكم به)). ((قل أندعو من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا)). ((قل أغير الله أبغى رباً وهو رب كل شيء)). إلى غير ذلك.
صلاحية هذا الدليل الفطري لمشركي مكة ولغيرهم:
وهنا قد يرد سؤال: هل كان مثل هذا الدليل الذي يستدل به القرآن في هذه السورة وفي غيرها على صحة هذه العقيدة الأساسية مناسبا لعقيدة المشركين، منطقيا في إقناعهم؟ بل لعل قائلا يقول: أن الأمر لم يزد في ذلك على إلقاء دعوى بوحدانية الرب والإله ففيم الحجة في هذا على العرب، وفيم الحجة على غيرهم؟ فنقول:
أما الحجة في هذا على العرب، فلأنهم كانوا يؤمنون بأن لهذا الكون رباً خالقاً منعما، وأن هذا الرب هو الله، وإنما كانوا مع ذلك يعبدون الأوثان ليقربوهم إلى الله زلفى، ويقولون: (هؤلاء شفعاؤنا عند الله) ولا يرون عبادة هذه الأوثان منافية لما يؤمنون به من ربوبية الله، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على أن هذه هي عقيدتهم، وعلى أن نوع انحرافهم عن عقيدة الحق إنما هو إشراكهم بهذا الإله الذي يعتقدونه دون غيره الربَّ الخالق المنعم من ذلك قوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله) (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الارض من بعد موتها ليقولن الله). (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمَّن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله). (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون؟ سيقولون لل، قل أفلا تذكرون، قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم، سيقولون لله، قل أفلا تتقون، قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون؟ سيقولون لله قل فأنى تسحرون؟).