/ صحفة 355 /
هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا، فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون)).
وتناول الحديث في هذه السورة تقسيما آخر من تقسيماتهم المخترعة المبنية على شركهم، حيث جعلوا الأنعام ثلاثة أنواع نوعا حرموه واحتجروه وخصصوه بآلهتهم، وكانوا لا يطعمون منه إلا الرجال، ويقولون إن شئنا أطعمنا منه النساء وإن شئنا لم نطعم ـ وهذا النوع في كلٍّ من الأنعام والحرث ـ ونوعا آخر هو تلك الأنعام التي حرموا ظهورها فلا تركب، وهو البحيرة والسائبة والحامي، المذكورة في آية المائدة: ((ما جعل الله من بحيرة...)) والنوع الثالث أنعام لا يذكرون اسم الله عليها في الذبح، بل يُهِلون بها لآلهتهم وحدها، وذلك هو قوله تعالى: ((وقالوا هذه أنعام وحرث حِجر لا يَطعَمها إلا من نشاء بزعمهم، وأنعام حرمت ظهورها، وأنعام لا يذكرون اسم لا يذكرون اسم الله عليها، افتراء عليه، سيجزيهم بما كانوا يفترون)).
وتناول حديث الأنعام كذلك حكما ثالثاً من أحكامهم الجائرة، فقد كانوا يجعلون ألبان بعض الأنعام وبعض أجِنَّتها حقاً خالصاً لذكورهم لا يصيب منه الإناث شيئا، فكان الجنين إذا ولد ذكراً حياً جعلوه للذكور، وإذا نزل ميتا جعلوه للذكور والإناث جميعا، وآذا جاء أنثى احتفظوا بها للنتاج، وذلك قوله تعالى: ((وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا، وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء، سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم)).
وتناول الحديث في السورة غير ذلك من شئون الأنعام ومحاجة المشركين فيما زعموه من تحريم بعضها مما سنعرض له في موضعه إن شاء الله، فلا نطيل الكلام فيه الآن.
فهذا هو الحديث المفصل لشئون الأنعام الذي جاءت به هذه السورة في معرض الزراية على الشرك والمشركين، والإبانة عما يخالط عقائدهم من الخلل والفساد.
وبذلك سميت: (سورة الأنعام).