/ صحفة 353 /
غير المحدودة، وقد كانوا يعطون عند الحصاد من ثمارهم، كلٌّ وما يجود به، فهذا هو حق الزرع الذي كان معهوداَ عندهم ثم جاء تشريع الزكاة فحدد المقادير نصاباً وزكاة وكان ذلك في المدينة، فمرادهم أن الزكاة كانت أولا صدقة مطلقة وأقرت بمكة ثم بينت مقاديرها بالمدينة، ومع هذا لم تصح الرواية القائلة باستثناء هذه الآية من السورة التي نزلت كلها بمكة جمله واحدة.
(7) لم يبق بعد ذلك إلا الآيات الثلاث 191، 192، 193 من السورة: ((قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم...)) الآيات، وقد صحح بعضهم رواية عن ابن عباس باستثنائنها وتقرير إنها مدنية، وقد نقد الشيخ رشيد رضا هذه الرواية ((بأن ابن عباس لم يكن بمكة ممن يحفظ القرآن ويروي الحديث فإنه ولد قبل الهجرة بثلاث أو خمس سنين، وإنما روي ذلك عن غيره، فيحتمل أن يكون الاستثناء من رأيه أو رأي من روي عنه أو أن يكون مرويا بالمعنى، ويكون بعض الرواة هو الذي عبر بالاستثناء)).
وهكذا يتبين أن ما أخذت به لجنة الإشراف على طبع المصحف الفؤادي من أن بعض آيات هذه السورة نزل بالمدينة غير مقبول، لا من جهة الرواية، ولا من جهة المعنى وارتباط الآيات كما بينا، والله أعلم.
لم سميت السورة بسورة الأنعام:
وقد سميت هذه السورة بسورة ((الأنعام)) ـ والانعام ذوات الخفّ والظلف، وهي الإبل والبقر والغنم، بجميع أنواعها ـ لإنها هي السورة التي عرضت لذكر الأنعام على تفصيل لم يرد في غيرها من السور، بيان ذلك أن ذكر ((الأنعام)) و ((للنعم)) ورد في مواضع كثيرة من القرآن الكريم عرضاً، مثل قوله تعالى ((زيِّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث)) ((أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا)) ((إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام)) ((