/ صحفة 345 /
أخرى هي: ))إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة(( إلى آخر السورة، والضمير في ))قالوا(( للأخوة، فانظر أيها القارئ كيف يريدوننا على أن نفهم أن ضميرا في آية مكية متقدمة نزولا يعود على مذكور في آية مدنية متأخرة وكيف اقتطعوا جملة من قصة ففرقوا بينهما في الوطن إلى هذا الحد؟.
تحقيق أن الآيات التسع التي استثنوها من سورة الأنعام مكية:
هذه أمثلة من المصحف الشريف عامة، فلننظر فيما فعلوه في سورة ))الأنعام(( خاصة:
إنهم أعرضوا عن جميع الروايات القوية القائلة إن هذه السورة نزلت جملة واحدة، وأخذوا بكل رواية تستثنى أيَّة آية من الآيات ,فكتبوا بين يدى السورة في المصحب هذا التنبيه (سورة النعام مكية الا الآيات: 20، 23، 91، 93، 114، 141، 151، 152، 153 فمدنية(( فهل هذا الحكم صحيح؟
(1) أما الآية العشرون فهي قوله تعالى: ))الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون((.
ويظهر أنهم لما وجدوا الحديث في هذه الآية عن أهل الكتاب، ووجدوا أن هذه الآية نظيرة لآية أخرى مدنية تبدأ بما بدأت به، وهي قوله تعالى في سورة البقرة: ))الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون(( 146، ومن المعروف أن صلة الإسلام بأهل الكتاب إنما كانت بعد الهجرة، وفي المدينة دون مكة ـ لما وجدوا هذا قرروا أن الآية مدنية، فالمسألة ليست إلا اجتهاداً حُسِبَ روايةً مسنَدة، وهو اجتهاد غير صحيح، ويعرف ذلك مما رواه البغوي في تفسيره عند قوله تعالى: ))قل أي شيء أكبر شهادة(( وهي الآية التاسعة عشرة أي الآية السابقة لآيتنا هذه قال: قال الكلبي: أتى أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: أرنا من يشهد أنك رسول الله فإنا لا نرى أحداً يصدقك، ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس عندهم ذكر، فأنزل الله تعالى قوله: ))قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم)).