/ صحفة 344 /
))ولو جاءتهم(( مبالغة على قوله: ))لا يؤمنون(( فكيف نتصور أن كل واحد منها نزل في وقت، ثم تصور أن المبالغة نزلت قبل الأصل المبالغ عليه؟
(2) ومن ذلك أنها كتبت عن سورة مريم أنها مكية إلا آيتي 58، 71 فمدنيتان، وهاتان الآيتان هما:
أولا: قوله تعالى: ))أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سُجَّدا وبُكيًّا((.
هذه آية 58 وهي تبدأ باسم الإشارة ))أولئك(( وقد سبق ذلك حديث السورة منذ أولها عن الانبياء والصديقين، فقد ذكرت زكريا ويحيى ومريم وعيسى وإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى وإسماعيل وإدريس، فمن الواضح أن الإشارة لهؤلاء، فإذا قيل إن الله ذكرهم في مكة، ثم أشار إليهم بهذه الإشارة في المدينة كان ذلك موضع نظر.
ثانياً:
قوله تعالى: ))وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا(( هذه هي الآية 71 المستثناة، أي أنها مدنية مع أن بعدها قوله تعالى: ))ثم ننجي الذي اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا(( والمعنى يعتضي أن يكون ترتيب نزولها حسب ترتيب ورودهما في المصحف، لأن الآية الثانية مترتبة في المعنى على الآية الأولى، فالورود سابق على الإنجاء، فكيف يعكس الأمر فيجعل المتأخر طبعاً متقدماً وضعا؟
(3) وشبيه بهذا ما قالوه في سورة يوسف، فهي مكية كلها إلا الآيات: 1، 2، 3، 7 فمدنية.
ومعنى هذا أن الآيات 4، 5، 6 مكية، وهي قوله تعالى: ))إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا(( إلى قوله: ))كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحق إن ربك عليم حكيم(( وإن قوله بعد ذلك مباشرة: ))لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين(( مدني، وقد جاء بعده مباشرة أيضاً آيات مكيه