/ صحفة 323 /
يعلم ما تصنعون...))_ نجد أن القول في الصلاة، وتبيان آثارها ونتائجها المترتبة على القيام بها كاملة، قد بلغ حد الاعجاز، إذ لا يمكن أن يتصور العقل وصفا يضمن توضيح القصد، أبين من هذه العبارة الشاملة مع هذه الصراحة والإيجاز، ذلك لأنها كلمة القرآن الذي أعجز الانس والجن عن أن يأتوا بسورة من مثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)).
فهذه الآية الكريمة تبين فلسفة الصلاة، والقصد الاسمي، والغاية المثلي من تشريعها، وتكليف المؤمنين أداءها؛ ذلك لأنها شرعت بصورة تنهى المصلين أو تصونهم من ارتكاب الاعمال غير الحسنة بالنسبة إليهم أو إلى غيرهم، فمن لم تكن صلاته ناهية له عن الفحشاء والمنكر، فلا ريب في أنها ليست بالصلاة الكاملة المرادة للشرع.
ويجدر بنا الآن أن نتبين كيف أن الصلاة الكاملة المفروضة علينا تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهذا أمر جد واضح، يمكن أن نعده _ كما يقول الحكماء _ من القضايا التي أدلنها معها _ فإن للصلاة مقدمات ومقارنات، يجب على المصلي أن يقوم بها، إذا أراد لصلاته كمالا، فتصبح كما أراد الشرع.
فمن مقدمات الصلاة الطهارة، يقول الله تعالى: ((يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فأفسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فاطهروا، وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاه أحد منكم من الغائط، أو لا مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا...)) فهذه هي آية الوضوء والتيمم والغسل. ومن هنا تبدأ الخطوة الأولى لأهمية الصلاة من الوجهة العملية الدنيوية؛ إذ يجب على المصلي ألا يدخل الصلاة إلا متطهراً، وقد بين العلماء ما ينبغي أن يكون عليه الماء المعد للطهارة في الوضوء والغسل، بأن يكون صالحاً للتطهير، ومباحاً غير مغتصب من أحد. وهذا يلزم المصلي _ طبعاً _ أن يحقق أمرين: