/ صحفة 322 /
في أثنائها شيء عن ذكر الله، ولا يصرفهم عنها شاغل، وربما عرض لأحدهم أمر لا يطاق احتماله، فلا يلهيه ذلك عن صلاته طرفة عين.
كما كانوا في صلاتهم مثال الخشوع والاستغراق في العبادة، حتى كانوا حين الدخول فيها لا يحسون بشيء مما حولهم.
وما هذه المنزلة الرفيعة التي أنزلها الشرع إياها، وهذا الاهتمام بآدابها، ومراعاة شرائطها _ ولو في أحرج ساعات الحياة عند الزحف في القتال، أو الاحتضار _ إلا رغبة من الشارع الحكيم في توجيه المسلمين إليها، وحثهم على الاستمرار عليها، بغية الحصول على أثرها وحكمتها؛ لتشملهم بركاتها التي ورد ذكرها إجمالا في قوله تعالى:
((أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر، إن قرآن الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً((، وقوله تعالى في موضع آخر: (حافظوا على الصلوات والصلاة الواسطى وقوموا لله قانتين) ,وقوله في موضع آخر:((وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات)).
ونستطيع أن نقول: إن الشرع الحكيم أراد _ فضلا عما ورد في القرآن الكريم _ أن يأتي بكلمة توضح منزلة الصلاة بصورة يستدل منها على شأنها ونتائجها لدي الناس كافة، فمثل الدين بالبيت، وجعل الصلاة منه بمنزلة العمود الذي يبني عليه، ويدار حوله، فقال: ((الصلاة عماد الدين)) ولم يكتف بذلك بل أناط قبول كل الاعمال الدينية بقبولها، وجعل ردها متوقفاً على ردها، فأضاف إلى قوله ((إن قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رد ما سواها)).
وإذا أضفنا إلى هذه الكلمة الحكيمة، والآية الواردة في شأن الصلاة ومبلغ أهميتها، وأثرها الروحي في نفوس المؤمنين الآية الكريمة التي تجمع بين إقامة الصلاة وتلاوة الكتاب أي اتباعه وقراءته: ((أتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة؛ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله