/ صحفة 317 /
يقول في ذلك: ((والمحمود عقلا وشرعا هو الوسط، وهو الفضيلة. والطرفان رذيلتان مذمومتان)) ويحددها مرة أخرى بأنها ((اعتدال)) أركان النفس الاربعة وأركان النفس عنده هي قواها، وهي قوة الغضب وقوة الشهوة وقوة الحكمة والعدل، ويقول في هذا: ((وحسن قوة الغضب واعتدالها يعبر عنه بالشجاعة، وحسن قوة الشهوة واعتدالها يعبر عنه بالعفة. فإن مالت قوة الغضب عن الاعتدال إلى طرف الزيادة تسمى تهوراً، وإن مالت إلى الضعف والنقصان تسمى جبنا وخورا. وإن مالت قوة الشهوة إلى طرف الزيادة سميت شرها، وإن مالت إلى النقصان تسمى خمودا. وأما الحكمة فيسمى إفراطها عند الاستعمال في الاغراض الفاسدة خبثا، ويسمى تفريطها بلها، والوسط هو الذي يختص باسم الحكمة. والعدل إذا فات فليس له طرفان، زيادة ونقصان بل له ضد واحد ومقابل: وهو الجور.
وإذن أمهات الاخلاق وأصولها أربعة: الحكمة. والشجاعة. والعفة. والعدل. والباقي فروعها... كما يقول:
((فإذا استوت الاركان الاربعة واعتدلت وتناسبت، حصل حسن الخلق، هي قوة العلم. قوة الغضب. قوة الشهوة. قوة العدل بين هذه القوى الثلاث. أما قوة العلم فحسنها وصلاحها في أن تسير بحيث يسهل بها درك الفرق بين صدق والكذب في الاقوال وبين الحق والباطل في الاعتقاد، وبين الجميل والقبيح في الافعال. فإذا صلحت هذه القوة حصل منها ثمرة الحكمة، والحكمة، رأس الاخلاق الحسنة، وهي التي قال الله فيها: ((ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)). وأما قوة الغضب فحسنها في أن يسير انقباظها وانبساطها في حد ما تقضيه ((الحكمة)) وكذلك الشهوة حسنها وصلاحها في أن تكون تحت أشارة الحكمة، أعنى اشارة العقل والشرع. وأما قوة العدل فهو ضبط الشهوة والغضب تحت إشارة العقل والشرع ((الحكمة)) فالعقل مثاله مثال الناصح المشير، وقوة العدل هي القدرة، ومثالها مثال المنفذ الممضي لإشارة العقل. والغضب هو الذي تنفذ فيه الاشارة، ومثاله مثال كلب الصيد، فإنه يحتاج إلى أن يؤدب حتى يكون استرساله وتوقفه