/ صحفة 316 /
ولأن الغزالي جمع في آرائه الاخلاقية بين الشرع الذي هو رسالة الوحي، وبين الفكر الاغريقي مرة. ثم بين الشرع والالهام مرة أخرى رأينا أن نعالجه في هذه الآراء الاخلاقية تحت عنوانين. تحت عنوان:
1_ الغزالي كفيلسوف في أخلاقه.
وتحت عنوان آخر:
2_ الغزالي كمتصوف في أخلاقه.
وبذا يمكن أن تخفف من فجوة التضاد التي قد تدركها فيما لو نظمنا جميع آرائه في سلسلة واحدة ووضعناها في إطار واحد.
الغزالي كفيلسوف في أخلاقه:
في القسم الاول _ ربع العبادات وربع العادات _ من قسمي كتاب الاحياء الرئيسين يبدو الغزالي الفيلسوف الاخلاقي، الذي أضاف إلى الفكر الاغريقي ما في الإسلام من معاملة بين العبد وربه، وبين العبد والخلق، وهي المعاملة التي عنى بها فقهاء المسلمين من قبل، وإن كان في عرضه إياها حاول إن يبرز أسرارها في ضوء البحوث النفسية والسياسية والاجتماعية، التي إثرت عن مدارس الاغريق وبالأخص عن مدرستي أفلاطون وأرسطو.
هنا عالج العزالي ثلاث نقط، تعد عادة قوام أي مذهب خلقي عالج:
(ا) الفضيله. وما هي، ومتى تكون الفضيلة فضيلة؟.
(ب) عالج السبيل لبلوغ الفضيلة. ما هو؟.
(جـ) عالج الغاية الاخلاقية من تحصيل الفضيلة والسلوك طبقا لحدودها.
وفي كل نقطة من هذه النقط ربط بين الشرع والعقل، كما ذكرنا.
(ا) الفضيلة. ما هي:
عرف الفضيلة مرة بأنها العقل المحمود عقلا وشرعا، وحدد المحمود بأنه ((الوسط)) كما وصف الطرفين الذين يقع بينهما هذا الوسط بأنهما رذيلتان مذمومتان.