/ صحفة 315 /
الارسطية أو هما معا في تحديد القانون الاخلاقي، وقد نراه ينكر العقل وقيمته ويدير وجهه إلى النظرة الصوفية فيأخذ بما تراه مصدراً للمعرفة وهو الإلهام، بديلا عن العقل وهو الفكر الاغريقي في نظره.
الغزالي مردد بين إسلام وفكر إغريقي ونظره صوفية في آرائه الاخلاقية، الغزالي مردد هنا بين الوحي والعقل والالهام. وكلها مصادر مختلفة، وكثيراً ما يتقابل بعضها مع بعض أو يضاد بعضها بعضا الوحي لا يضاد طبيعة العقل كعقل، ولكنه قد يضاد عمل مفكر وقع تحت تأثير عوامل أخرى بعيدة عن اعتبار العقل الخالص والغزالي عند ما نقول أنه اعتمد على العقل نعني بذلك أنه اعتمد في الاكثر على الفكر الاغريقي، وهنا كثيراً ما تضاد رسالة الوحي في الإسلام تفكير فلاسفة الاغريق.
الوحي رسالة إلهية، تبليغ من الله عن طريق الملك إلى الرسول المصطفى، فلها القداسة والعصمة، والعقل طبيعة بشرية يجول به الإنسان فيما يتحرك فيه ويتأثر بما يتأثر به الإنسان في بيئته. والالهام تجل وكشف من الإنسان للحضرة الالهية، يهيء له أن ينقل مشاهدته هناك بما لا يقف عليه الإنسان العادي الذي لم يصل إلى حال الكشف والتجلي.
والرسول هو الذي أوحى إليه عن قصد، وكلف بتبليغ ما أوحي إليه، مهمته التبليغ وليست وضع الرسالة، والمفكر مستقل اعتمد على عقله الإنساني فيما يراه وهو عرضة للخطأ والصواب لأنه إنسان، والملهم إنسان مستقل أيضاً اعتمد على المجاهدة النفسية والرياضة الروحية، حتى يصل إلى ما يسميه حال ((الشكف)) وهو إذ يخبر عما يشهده هناك في العالم العلوي، يخبر كإنسان ليست له عصمة، وليس لما يذكره وجه اليقين، الفيلسوف والملهم إذن كلاهما إنسان يحاول المعرفة، ذاك بإعمال فكره، وهذا بمجاهدة نفسه، وكلاهما عرضة للخطأ فيما يرى أو فيما يحكى.
والرسول وحده هو المعصوم، ولقوله صفة الحق دائماً. لأنه منزل عليه ومبلغ إياه، وليس ما يبلغه ثمرة لمجهوده الفكري أو النفسي.