/ صحفة 280 /
هواى عراقي وتثنى زمامها لبرق إذا لاح النجوم يمان
إن عروة كان صبا كلفا بعفراء استولى حبها على فؤاده صغيراً، وحيل بينهما كبيراً، فهام في سبيل رؤية محياها، واحتسب عمره في لقياها، فليس له أمسل في الدنيا سواها، فمما عزى إليه:
يا رب يا رباه أياك أسل عفراء يا رباه من قبل الاجل
فإن عفراء من الدنيا الامل
موازنة بين العاشقين، العذري والكلابي:
يتفق العاشقان في الحنين إلى الحبيب بعد الاغتراب وطول النوى كلما دعا داعي الهوى، وفي الاشفاق على الناقة المسعفة لهما كلما جد المسير وتلفتت الناقة صوب ما ألفت من المراتع والمرابض، فكل من الغزلين والناقة متلهف ومتشوق، ونار الحب في الكبد مستعرة. ويختلفان في شأن ناقتيهما، فناقة الكلابي عرضة لحمى ضريه، كما أنه عرض له، لكنها باحت بوجدها ولم تطق كتمانه من فرط ما بها، أما هو فتجلد متأسياً بغيره من المتيمين الكاتمين حتى لا يشمت به العذول، وإلى التأسي يلجأ الحزين فيسرى عن نفسه فيما ينتابه ويحيا حياة الوادع، وصدق القائل:
ولو لا الأُسى ما عشت في الناس ساعة ولكن إذا ما شتت جاوبني مثلي
أما ناقة الغذري فهواها يمني وهواه عراقي، وشتان ما بين الحبيبين، ولذا تمنى أن يظفر كل منهما بمناه فيلقى حبه ويقضي منه لبانته بعيدين عن الرقباء، كما تمنى ابن قيس الرقيات.
ليتني ألقى رقية في خلوة من غير ما أنَسِ
كي لتقضيني رقية ما وعدتني غير مختلس
ــــــــــ
(1) الأبيات من قسيدة طويلة في الغزل والنسيب ، مذكورة في نوادر القالي.
(2) البيت الأول والثاني من شواهدهم على زسادة هاء السكت وصلا مع جواز تحريكها بالضم أو السكر وقيل أو الفتح. راجع الادب الشاهد الثاني والثلاثين بعد الخمسمائة.