/ صحفة 279 /
من كلاب، ولا يمت البيت المذكور لها بصلة أبداً، فهذه فطنة وحسنة تعد لياقوت، وهناك أمثلة أخرى فيما أذكر لا يسمح الاستطراد بالتعرض لها.
على أن النظرة الفاحصة تبين لنا الثغرة من جهة المعنى بين بيت عروة إذا وضع كما زعم الاخفش وبين البيتين: ما قبله وما بعده بقطع النظر عن الرواية التي هي الاساس، ذلك أن ناقة الاعرابي الكلابي متحدة معه في الاستشراف إلى موطن حبيبيهما (الحمى) كما يصرح في البيت الاول، وناقة الغذري الذي هواه عراقي متلفتة إلى حيث حل حبيبها في اليمن على حد ما يقول القائل.
وهل ريبة في أن تحن نجيبة إلى إلفها أو أن يحن نجيب
فلكل منهما وجهة هو موليها، فكيف يستساغ التحشية ببيت الاخفش وفيه الاعلان باختلاف جهتي الهوى بعد التصريح في البيت الاول من الثلاثة أنه وناقته غرضان معا للحمى، ويزيد ذلك وضوحا قول الاعرابي الكلابي بعد الابيات الثلاثة:
فيا كبدينا أجملا قد وجدتما بأهل الحمى ما لم يجد كبدان
إذا كبدانا خافتا وشك نية وعاجل بين ظلتا تجبان(1)
أما بيت عروة المخلوط بالبيتين خطأ فإنه إذا سلك في سمط الابيات التي معه من قصيدته في الشكوى منه ومن ناقته يبدو انسجامه واضحا واقتضاء ما قبله وما بعده له، ولهذا أرى لزما ذكره معها حتى لا تبقى خلجة شك في توجيه هذا النقد القريب، قال عروة بن حزام العذري:
فياليت كل اثنين بينهما هوى من الناس والانعام يلتقيان
فيقضى حبيب من حبيب لبانة ويرعاهما ربى فلا يريان
هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى وإني وإياها لمختلفان
ــــــــــ
(1) فيا كبدينا: يخاطب كبده وكبد ناقته، أجملا: تأنيا واعتدلا، وجدتما: اشتد حبكما، وشك نية: سرعة البعد، تجبان: تضطربان. والبيتان مشروحان في الكامل مع الرغبه، الموضع السابق.