/ صحفة 274 /
الزواج باليأس. إنما حدث بعد الإنجاب للبنين منها لحادث ذي بال أنطق لسان الناس به واستدامهم يتداولونه فخف على ألسنتهم وصار علماً لبنيها، وانزوى وراءه الاسم الموضوع لها عند ميلادها الذي لازمها منذ المهد إلى الزواج إلى أن نسلت البنين أولا، كما اختفى وراءه لقب بنيها العصبي الابوي الذي يدور عليه التميين بين الاسر ثانيا فإن اسمها الموضوع لها من آلها هو ((ليلى)) اسم عربي صميم، قال في الروض الانف: ((خندف اسمها ليلى))(1).
اليأس بن مضر بن نزار عدناني، وليلى بنت عمران بن الحاف قحطانية، شاءت الاقدار أن يجمعها عقد الزواج الذي هو خير آصرة وأسمى رابطة، به يتم الالتئام بين البعيدين، والتآلف بين الغريبين، والتآزر بين المتصاهرين، كان لهذا الارتباط أثره العملي في ازدياد التواصل بين العدنانين والقحطانيين، وبعبارة أخري بين العرب العرباء والعرب المستعربة, إذ حدثت مصاهرة قبل هذه المصابرة بين العربين في أبوي ليلى نفسها: عمران وضَريّة، فأبوها عمران بن الحاف ابن قضاعة قحطاني، وأمها ضرية بنت ربيعة بن نزار عدنانية، فقد غرست هذه المصاهرة الاولى بذور التقارب بين العربين، وجلبت التعاطف بينهما، وخففت من حدة الاختلاف المتولد عن عدم الاتحاد في الروابط الثلاثة: الاصل والبيئة والنزعة، وانها لعوامل كفيلة ببذر التفرق وبقاء التنازع واشتعال نار الفوضى المؤذنة بعدم الاستقرار واستتباب الامن بينهم بعد ضرب قبابهم حيث ينتجعون فلو لم يدفعها هذا التصاهر بيد الحنان والتحاب لقضى على العربين في حياتهم الفطرية الاولى، على أنه عرف من شيم العرب قديماً الالتفات في الزوج إلى الغربات، اعتقاداً من العرب وراء الاعتزاز بالعصبيات للبعداء أنه يثمر النجابة والكياسة في النسل، وحقاً إنها نظرة صائبة أقرها الدين الحنيف بعد، فقد قال
ــــــــــ
(1) لروض الانف ص 61