/ صحفة 254 /
وقتل الآباء لأولادهم الذي تعده النظم الخلقية والقانونية في العصر الحاضر من أكبر الجرائم كان مباحا في كثير من الشعوب القديمه في حالات كثيرة. بل لقد وصل الأمر في طائفة كبيرة من هذه الشعوب أن أصبح واجبا خلقيا على الآباء أن يقتلوا أولادهم أو بعضهم أو جنساً معيناً منهم عقب ولادتهم أو في سن الطفولة أو يلقوا بهم في مكان قفر، فمن ذلك مثلا أن النظم الاسبرطية كانت توجب على الآباء اعدام أولادهم الضعاف أو المشوهين أو المرضى عقب ولادتهم، أو تركهم ف القفار طعاما للوحوش والطيور. وكانت الأم نفسها تلجأ إلى مختلف الوسائل لتحقيق هذه الغاية. فللتأكد من صلاحية ولدها للحياة في نظر مجتمعه كانت تغمسه عقب ولادته في دن من النبيذ وتتركه مغموسا وقتاً ما. فان عاش بعد ذلك دل هذا على قوه بنيته واستحقاقه للتربية، وان مات أدت الأم واجبها الخلقي نحو المجتمع بأن خلصته من كائن ضعيف لا يستحق الحياة في نظره. وهذا النظام نفسه أو ما يقرب منه كان سائداً في أثينا وروما. وقد أقره فلاسفة اليونان أنفسهم وعلى رأسهم أفلاطون وأرسطو، وبعض عشائر العرب في الجاهلية كانت تقتل أولادها ذكورهم واناثهم خشية الاملاق، بينما كانت عشائر أخرى يرجع معظمها الي تميم وكندة وطيء تبقي على الذكور وتئذ البنات، وكان العرف الخلقي في كلتا الطائفتين يقر هذا العمل بل يحث عليه.
والانتحار الذي يحرمه العرف الخلقي في جميع الأمم المتحضرة الحديثة كان يعتبره اليابانيون واجباً خلقياً يتحتم القيام به في بعض الحالات (عند ما يصاب الرجل في شرفه أو يخفق في مشروع هام أو يريد الاستدلال على أنه مظلوم أو برئ من تهمة ألصقت به... وما إلى ذلك، وكانت طريقة الانتحار عندهم شق البطن التي يسمونها (هاراكيري)). وقد ظل هذا النظام متبعاً لديهم حتى أوائل القرن العشرين، ولا تزال له بقايا في الوقت الحاضر، وخاصة بين سكان القرى.
والسرقة التي أجمعت الشرائع ونظم الأخلاق في العصر الحاضر على تحريمها