/ صحفة 253 /
نظرة في نظم الاخلاق
وحاجتها إلى دعامة الدين
لحضرة الاستاذ الدكتور علي عبد الواحد وافي
تمتاز النظم الخلقية عن كثير من الظواهر الاجتماعية الأخرى بعدة خصائص يبدو أهمها فيما يلي:
1ـ ان معظم الظواهر الخلقية لا تعتمد على المنطق الفردي، ولا يمكن أن تقام عليها أدلة عقلية قاطعة كالأدلة التي تقام على الحقائق العلمية والتي لا يسع الإنسان الا أن يخضع لها بحكم مقولات العقل وطبيعة التفكير، وإنّما تعتمد على ما اصطلح عليه المجتمع وارتضاه عرفه الخلقي. ومن ثم تختلف الظواهر الخلقية باختلاف الامم، وتختلف في الأمة الواحدة باختلاف العصور. فما يكون خيرا في مجتمع قد يكون شراً في مجتمع آخر، وما تعده أمة فضيلة قد تعده أمة غيرها رذيلة، وما يراه شعب مباحا قد يراه شعب غيره محظوراً، وكثيراً ما يختلف الحكم من الوجهة الخلقية على الشيء الواحد في أمة ما باختلاف عصورها ـ ويصدق هذا حتى على الأمور التي تعد في نظرنا من الأصول الأولى للحياه الخلقية ومن المسلمات في شئون الأخلاق.
واليك مثلا القتل: فان العرف الخلقي والقانوني لجميع الشعوب المتحضرة الحديثة يحظره على الاطلاق الا في حرب أو حالة دفاع مشروع أو تنفيذ لحكم قضائي، مع أنه كان لا يعتبر جرما في نظر كثير من الأمم القديمة الا إذا كان القتيل من عشيرة القاتل أو قبيلته أو شعبه.