/ صحفة 243 /
وعد مرتبط بسنة الله تعالى في خليقته من أن الأرض والتمكين فيها إنّما يكفلهما الله تعالى لمن أصلح واستقام على هدى الله، فمن غير غير الله عليه، وقد جاءت سورة (الاسراء) ببيان مفيد واضح في ذلك حيث تقول:
(وقضينا إلى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً، فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولا، ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا، ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وان أسأتم فلها، فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً، عسى ربكم أن يرحمكم، وان عدتم عدنا، وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا).
ففي هذه الآيات أن الله تعالى قضى إليهم في الكتاب، أي أنبأهم فيما أوحاه إلى أنبيائهم ـ بأنهم سيفسدون في الأرض مرتين، وأن عاقبة فسادهم في المرتين ستكون تسليط الله عليهم من لا يطيقون، وأن الأمر مرتبط بسنة منه تعالى لا تتبدل هي أن المحسن إنّما يحسن لنفسه، والمسيء إنّما يسىء عليها، وأن الله ترجى رحمته حسب سنته، وتخشى عودته على المسيء إذا عاد إلى اساءته.
وقد حدثنا التاريخ بمصداق ما جاء في هذه الآيات، فقد سلط الله على اليهود الروم مرتين قبل المسيحية وبعدها، ثم عادوا فعدنا، وذلك هو تسليط المسلمين عليهم، وقد مزقوا بعدها كل ممزق.
واذن فوعد الله اياهم بالأرض، أو كتابتها لهم، هو سنته وقدره الذي كتبه لعباده في التمكين لهم إذا صلحوا وأطاعوا، وقد تحقق هذا الوعد لليهود أكثر من مرة، ثم أفسدوا فحق عليهم الوعيد كما حق لهم الوعد، فليس في الأمر دليل على ملكية أو تمليك كما يزعمون.
ومما يؤيد أن الأمر أمر هذه السنة الالهية فحسب، أن موسى (عليه السلام) قال لهم بعد أمرهم بالدخول: ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين، وأن