/ صحفة 242 /
تواكلها وتراخيها عن العمل والجد، من أن يداعبها مثل هذا الخيال المنوم المثبط، وان ظن أنه باعث منشط، وأقصد به أن تظن الأمة أنها مفضلة تفضيلا طبيعياً على غيرها، وأن لأبنائها من المزايا ما ليس للناس، فالواقع أنه ليس في خلق الرحمن من تفاوت، وإنّما ترتفع الأمم وتنخفض بالأخلاق والأعمال وانتشار الفضيلة وصلاح البيئة، وقد خاطب الله تعالى المسلمين بأنهم (خير أمة أخرجت للناس) ولكنه أتبع ذلك بما يفيد أن هذه (الخيرية) ليست هبة في الخق، واختصاصاً بالرحمة دون مبرر، ولكن لأنهم حملوا مبادئ هذه الخيرية، واضطلعوا بأسبابها (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) ثم اتبع ذلك بما يدل على أن أهل الكتاب يستطيعون بالايمان أن يكونوا كذلك، وأن يحصلوا لأنفسهم الخير فقال (ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم).
تفنيد ما يزعمه اليهود من أن فلسطين ملك لهم أبدي، بوعد الهي، وبيان سنة الله في التمكين والنصر للمؤمنين.
واليهود ـ كما يتبجحون بما ورد من تفضيلهم ـ يتبجحون بادعاء أن الأرض المقدسة حقهم وملكهم، وأن الله كتبها لهم بنص القرآن (ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم) فضلا عن نصوص أسفارهم الدينيه، ولا دليل لهم في هذه الآية ولا في نصوصهم التي في كتبهم، ذلك أن الآية تقول (التي كتب الله لكم) وذلك صادق بأنه كتب لهم أي علم أنه يسكنوها، وليس نصاً في الملكية والاختصاص.
أما ما جاء في كتبهم فهو حكاية وعد من الله تعالى لابراهيم أن يعطي نسله هذه البلاد وما حواليها، وهذا أيضاً لا دلالة لهم فيه على ما يزعمون من تمليك الله اياهم هذه الأرض، فان نسل ابراهيم صادق بنسله من اسماعيل وبنسله من اسحاق فمن أين يختص بها نسل اسحاق؟
على أنه إذا كان في هذا أو ذاك وعد من الله تعالى بمنحهم هذه الأرض فانه