/ صحفة 233 /
الكريم: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الالباب، ما كان حديثاً يفتري، ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون).

القرآن ليس كتاب تاريخ:
والقرآن الكريم مع هذا ليس كتاب تاريخ: وإنّما هو كتاب عبرة وهداية، فهو لا يعنى بالحوادث كما يعنى بها أصحاب القصص، يرتبها حسب وقوعها، أو يعين أشخاصها في كل حال، أو أماكن حوادثها أو نحو ذلك، لا يعني بهذا كله، وإنّما يعني بمواضع العبرة وبما يفيد الناس منها، فإذا اقتضى ذلك أن يذكر شيئا أو شخصاً أو زمانا أو مكانا ذكره، والا اكتفى بما يقتضيه المقام الذي سيق له الكلام.

الفرق بين قصص القرآن وأمثاله:
وشيء آخر ينبغي أن ننبه إليه في هذا الشأن هو أن هناك فرقا بين ما ساقه القرآن حكاية عن الأمم والرسل والأشخاص، وما ساقه على أنه مثل ضربة للناس تقريبا لهم، فان قصص الأمم والرسل وما التحق بها إنّما هي حقائق ثابتة، ووقائع حاصلة، والقرآن مخبر بها، لا مبتدع لها، كل ما في الأمر أنه يقف عند مواطن العبرة فيها فيجليها، ويلفت اليها. أما الأمثال فقد تكون حوادثها مبتدعة، وأشخاصها مخترعة، وقد تكون في نفس الأمر مصورة لماض وقع، وتاريخ سلف.
وعلى هذا ينبغي أن تكون نظرتنا إلى قصص القرآن وما ضرب من أمثال على هذا النحو:
1ـ كل ما جاء حديثا عن الأمم وأنبيائهم ورسلهم، وما أنبأ الله به عن أشخاص عينهم بما يفيد أنهم كانوا، وكان منهم، يجب الايمان به كما ورد في القرآن، فمن نفى شيئا منه، أو لم يلتزم مقتضاه فهو متبع غير سبيل المؤمنين، فالمؤمنون مصدقون بما قصه الله عن ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب ويوسف ويونس وموسى وعيسى وجميع الأنبياء والرسل، ومصدقون بما قصه الله