/ صحفة 232 /
والأخرى: قصة ابني آدم: القاتل والمقتول.
وقبل أن نأخذ في هذا الحديث نرى أن نقدم بمقدمه فيها بعض الفوائد عن أسلوب القرآن في القصص، وما يجب الايمان به في هذا الشأن، وما يجب من التحري في قبول ما جاءت به الروايات، وابعاد الاسرائيليات منها، ومدى ما تفيده الروايات الآحادية في ذلك:
ـ1ـ
المقدمة:
فائدة الأسلوب القصصي:
من أساليب القرآن الكريم التي يرمي بها إلى سوق العبر، ولفت النظر أنه يذكر في المناسبات المختلفة بعض الحوادث الماضية، عن الأمم والرسل، مبينا وجوه العبر فيها، أو داعيا إلى الاهتداء واتخاذ القدوة الحسنة من مثلها الصالحة، ولا شك أن هذا الأسلوب من الأساليب القوية الحكيمة المعينة على احسان الاستماع، واحسان التقبل، فهو يتضمن الاستشهاد بالواقع، وقياس ما يكون على ما كان، وقد علم الناس أن حوادث الدهر تتشابه، وأن التاريخ ـ كما يقولون ـ يعيد نفسه، ذلك بأن الكون له سنن لا تتبدل، وأسباب مرتبط بعضها ببعض، فمن شأنها إذا تشابهت أن يفضى آخرها إلى مثل ما أفضى إليه أولها، ولو أن الناس اعتبروا بما كان في تاريخ البشرية، وفحصوا في تحر وانصاف عن أسباب الصلاح والفساد فيمن كان قبلهم، لأفادوا في حاضرهم ومستقبلهم، ولكان مثلهم كمثل الشيخ المجرب الذي حلب الدهر أشطره، و ذاق حلوه ومره , فهو يعرف ما ياتي وما يدع عن سليقة وبينة وقد روى عن أحد الملوك الأولين ـ وكان حكيما حاذقا ـ أنه لم يقع طول حياته في مأزق الااستطاع الخروج منه، وأن ذلك إنّما كان لأنه تعود أن يرجع في كل مآزقه إلى حوادث التاريخ من قبله، فكان يجد له مثيلا، فيقيس أمره عليه، فيخرج بما ينبغي له أن يفعل أو يترك، فالتاريخ عبرة للعاقل، ومستشار أمين لمن أراد، ونور وهدى إذا ادلهمت ظلمات الحوادث، ومصداق هذا قوله تعالى في كتابه