/ صحفة 208 /
حاجتنا من الطاقة الذرية دون أن تنطفىء ودون أن تبلغ بها الشدة درجة الانفجار، ولقد كان من محاسن الصدف أنه يمكن استخدام مثل هذا التفاعل المتسلسل في عنصر اليورانيوم الطبيعي دون اللجوء إلى استخلاص اليورانيوم 735 منه(1)، وهي العملية التي تتكلف عادة الوقت والنفقات، والتي كانت ضرورية في صناعة القنبلة الذرية، وقد أوضحنا في كتاب ثان عنوانه (الذرة ومستقبل العالم)(2) كيف أمكن عمل ما يسمونه اليوم الكومات الذرية أو الأفران الذرية (ونستطيع أيضا تسميتها المولدات الذرية) باستخدام اليورانيوم الطبيعي وسهل الحصول عليه مع مواد أخرى كالماء الثقيل والجرافيت النقي في الحصول على الطاقة الذرية التي تبدو في شكل طاقة حرارية مستديمة، وكيف أن وجود هذه المواد من الماء الثقيل أو الجرافيت يساعد على أن يحدث الانقسام أو الانشطار في النويات القليلة لليورانيوم النادر الموجود في اليورانيوم الطبيعي 238 دون استخلاصه أو فصله، وشرحنا كيف أمكن بناء هذه الأفران بوسائل سهلة، والحصول على الطاقة الدائمة منها.
وعلى أساس الطريقة التي شرحناها في كتابنا الأخير المذكور، والتي يطول بنا المقام لو أننا حاولنا أن نشرحها في هذا المقال، أنشئت عدة (مولدات)، أو (كومات) للطاقة الذرية في ألمانيا وفرنسا على نطاق صغير جداً في بادىء الأمر، ثم في أمريكا وانجلترا وفرنسا وروسيا على نطاق عملي، وفي الهند والباكستان يعملون الآن على ايجاد محطات ذرية على هذا النمط، وليس هناك ما يمنع

ــــــــــ
(1) لعنصر اليورانيوم كالكثير من العناصر الطبيعية الأخرى عدة مما كنات أو نظائر كما يسمونها اليوم والمماكن أو النظير هو عنصر يختلف وزنه الذري اختلافا بسيطا ولكن له نفس العدد الذري أي عدد ما يدور حول نواته من الألكترونات، وعلى هذا الأساس وجد اليورانيوم الطبيعي 238، ويوجد المماكن اليورانيوم 235 بنسبة 10000/7 من اليورانيوم الطبيعي، ويوجد أيضاً اليورانيوم 234.
(2) سيصدر هذا الكتاب في مايو سنة 1955، وستنشره مكتبة النهضة.