/ صحفة 19 /
يقرر أن لها موضعا، لا أنها نسخت فان الذي نسخ لا يكون له بعد النسخ موضع وإنّما يريد أبوبكر رضي الله عنه أن الناس يعتمدون على هذه الآية في التخلص من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي فريضة محكمة ثابتة بكلام الله وكلام رسوله، ولكن لهذه الآية موضعاً آخر غير ما يضعها الناس فيه، ولم يبين أبوبكر هذا الموضع، فيحتمل أنه يريد ما أشارت إليه الآية في قولها: (إذا اهتديتم) وأن الاهتداء شامل لأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما ذكرنا، ويحتمل أن يريد أن لها زماة آخر كما جاء في بعض الروايات الاخرى التي سنوردها.
ومن ذلك ما رواه الترمذي بسنده عن أمية الشعباني قال: (أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له ما تصنع في هذه الآية؟ قال أية آية؟ قلت: قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (بلى ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، واعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك العوام، فان من ورائكم أياما الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم) قيل: يا رسول الله أجر خمسين رجلا ما أو منهم؟ قال: (لا بل أجر خمسين منكم).
فهذه الرواية ظاهرها الذي يبدو لأول وهلة أن لهذه الآية زمانا من وصفه كيت وكيت، وأن زمانها ليس زمان نزولها، ويؤيد هذا ما روى من أنه قيل لابن عمر: (لو جلست في هذه الأيام فلم نأمر ولم تنه فان الله تعالى قال: (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) فقال ابن عمر: انها ليست لي ولا لأصحابي لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألا ليبلغ الشاهد الغائب) فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب، ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا ان قالوا: لم يقبل منهم) وفي هذا المعنى يقول ابن مسعود أيضا لمن استشهد في مجلسه بهذه