صحفة 175 /
وفي الوقت ذاته هدف له. هو أساس له بما يعيه من كتاب الله المنزل الذي هو هدايته في كونه، وهدف له بمعنى أنه يمثل (الحكمة) التي يجب أن يسعى اليها ما عدا هذا العقل في الإنسان من غرائز، ونفس حيوانية تمثلها صفحته المادية.
وكما يقوم الإسلام الفرد على أنه حقيقة مستقلة على هذا النحو، يقومه كذلك على أنه حقيقة متصلة بغيرها من الحقائق الأخرى التي يمثلها الأفراد الآخرون.
ومعنى ذلك أن كل حقيقة في تصرفاتها وسلوكها يجب أن تتصرف وتسلك على اعتبار أن الحياة (مجال مشترك) وليس وقفاً على فرد أو بعض من الأفراد دون الآخرين، وأن ما في هذا المجال المشترك من خيرات يصيب الجميع حسبما قدر في علم الله. ولكن في الوقت نفسه هذا المجال المسترك هو دائرة للتعاون والتساند. للأنانية أن تحقق غايتها في هذا المجال، ولكن لا سبيل لطغيانها فيه.
وبحد الإسلام من طغيان الأنانية رسم نهاية استقلال حقيقة الفرد، وبدء عدم استقلالها الممثل في اتصالها بالحقيقة الأخرى في الوجود الإنساني.
رأي الإسلام في وجود الجماعة وقيمتها:
(ب) وإذا تحول المجال المشترك بين الافراد إلى دائرة للتعاون والتساند أصبحت الجماعة الإنسانية حقيقة موجودة في نظر الإسلام، فوجود الجماعة الإنسانية ليس أساسه وجود الفرد الإنساني كفرد ـ كما يقول المذهب الواقعي ـ بل أساسه الحد من الأنانية، وفهم حق الآخرين في الحياة والوجود. وحق الغير في الحياة والوجود، وتقديره إلى درجة أن يجعل وسيلة للضغط على أنانية الفرد معنى من المعاني العامة، يتوقف في أن يتيقظ له الإنسان ويخضع له على ما يعيه عقل الإنسان من كتاب الله وهدايته.
واذن وجود الجماعة في نظر الإسلام ليس منبثقا تماما من الفرد كحقيقة واقعة ـ على نحو ما يذكر الواقعيون ـ بل ان كان الشعور الحيواني بين انسان وانسان في صوره المختلفة، من شعور قائم على حاجة التنفيس الجنسي أو تبادل
/