صحفة 174 /
و) أخيراً: هل الإسلام واقعي؟ هل الإسلام مثالي؟ هل الإسلام يجمع بين الواقعية والمثالية؟ أم هو شيء غير الواقعية وغير المثالية؟)
ـ 3 ـ
رأي الإسلام في وجود الفرد وقيمته:
أ) الإسلام يعترف بوجود الفرد الإنساني. والفرد الإنساني في نظره حقيقة غير منكرة. ولكن أية منزلة له في ترتيب الحقائق التي يراها الإسلام؟ سيأتي في نهاية هذه الكلمة بيان ذلك).
والاسلام يقوم الفرد الإنساني على أنه حقيقة مستقلة في الوجود، وغير مستقلة في الوجود أيضاً. يقومه على أن له كياناً خاصاً، له صلات بغيره من الأفراد الآخرين.
وفي تقويم الإسلام اياه على أنه حقيقة مستقلة له يقوم فيه صفحته المادية فقط، وهي وجوده الواقعي في نظر الواقعية. لم يقوم حيوانيته ونشاطه الحيواني وهو النشاط الغرزي فقط. لم يقوم ما آل فيه من وراثة سابقة تتصل بصفاته الجسمية ومظاهر حركاته الحسية، لا غيرها، بل قوم مع هذا وقبل هذا جانباً آخر فيه، جعله الجانب الرفيع بين جانبي الإنسان، وهو ذلك الجانب الذي لا يدرك بالحس، بل يدرك بالعقل والتصور، وهو ما سماه (بنفس) الإنسان أو (روحه) أو (عقله)، بينما جعله المذهب الواقعي أثراً من آثار واقعية الإنسان وهي صفحته المادية.
والفرد على أنه حقيقة مستقلة في نظر الإسلام اذن موجود على سبيل الحقيقة، ثم عندما قومه اعتبر فيه جانبين. أحدهما سابق على الآخر ـ أو على الأقل هذا الترتيب بينهما في الاعتبار والمنزلة ـ وهو الجانب الروحي أو النفسي أو العقلي. وبناء على هذا التقويم ليس هذا الجانب تابعاً في الوجود والتحديد لجانبه المادي ـ كما يقول المذهب الواقعي ـ بل بالعكس هو نفسه أساس له،
/