صحفة 172 /
مشاهد في وصفه بأنه (واقع) بل اكتسابه لهذا الوصف على سبيل الحقيقة يتوقف: على امكان استخدام التجربة في دائرته.
والمذهب (الواقعي) هو المذهب الذي يقوم الوجود على أساس (الواقع) المفهوم فنياً بالمعنى السابق. ومنطقه يسمى بالمنطق (الواقعي)، وقد يطلق عليه المنطق (الوضعي) كذلك. ونتيجة هذا المنطق: تركيز معنى الوجود في (الواقع) فقط. وبالتالي انكار ماوراء الواقع، أي ماوراء الذي يخضع للملاحظة والتجربة.
وإذا أنكر هذا المذهب وجود ما لا يخضع للملاحظة والتجربة، فالألوهية وما يتصل بها من الوحي والرسالة في مقدمة ما ينكر وجوده. ثم تأتي بعد ذلك في مرتبة الانكار: القيم الرفيعة، والمبادىء الإنسانية العامة. (الواقع) في الحياة الإنسانية ـ بناء على تطبيق المذهب الواقعي ـ هو الإنسان الفرد فقط. و(الواقع) في دائرة الفرد من الإنسان هو وجوده المشاهد، هو صفاته الجسمية وخصائصه التي حددتها له بيئته، ووراثته، وتنشئته.
وهدف الحياة الإنسانية ـ في نظر المذهب الواقعي أيضاً ـ الجماعة الإنسانية، ويعتبرها (الواقع) الثاني في الوجود، الذي يتوصل إليه من (الواقع) الأول وهو الفرد نفسه.
وتختلف تطورات المذهب الواقعي منذ تحديده في عصر النهضة الأوربية إلى الآن: في مدى تقويم الجماعة الإنسانية وهي (الواقع) الثاني، أو الحقيقة الثانية في نظره: أتقوم على أساس أنها (كل) الواقع، أم على أساس أنها من (الواقع) ولكن أهميتها تفوق أهمية ما عداها ـ الذي هو الفرد الإنساني ـ؟
المذهب الاجتماعي أو الشيوعي هو صاحب الاتجاه الأول في التقويم. والصور الأخرى للمذهب الواقعي من مذهب النسبية، والبراجماتزم، هي صاحبة الاتجاه الثاني فيه.