/ صحفة 171 /
ويشترك علماء (ما بعد الطبيعة)، أو أصحاب المذهب المثالي من الفلاسفة، مع علماء الدين في أن كلا الطرفين يرى وجوداً آخر يدرك بالعقل وحده، وراء هذا الوجود المشاهد الذي يدرك بالحس.
فالمثالية اذن مذهب في البحث الفلسفي والمعرفة يقوم على:
أ ـ الاعتراف بموجود عقلي، لا يخضع لادراك الحس،
ب ـ وعلى أن وجوده أرفع في القيمة، وأبقى في معنى الخلود من الموجود المحس،
ج ـ وأنه لرفعته في القيمة، وبقائه في معنى الخلود، كان وحده جديراً بأن يكون هدفاً وغاية أخيرة لهذه الحياة الإنسانية كلها.
والمثالية اذن مذهب وجودي يرى الوجود على نوعين، ومذهب أخلاقي يجعل هدف الإنساني في حايته ليس هذا الوجود المسمى ـ في نظر الدين ـ بالحياة الدنيا، بل شيئاً أرفع منه وراءه، هو: القيم، والمبادىء، والله.
2 ـ وكلمة (الواقع) اصطلاح فني فلسفي آخر، عرف في فلسفة الاغريق باسم (المادة)، ونسب المذهب القائم على اعتبار المادة أساساً للوجود كله، ـ وهو المذهب المادي ـ إلى الفيلسوف اليوناني بروتاجوراس من متقدمي الفلاسفة الطبيعيين الاغريق.
ولكن هذا المصطلح ـ (الواقع) ـ لم يحدد تحديداً بقى ملازما له للآن، الا منذ عصر النهضة الأوربية، يوم ساد البحث الطبيعي، واتسع نطاقه، وظهرت نتائجه العلمية الايجابية في الحياة الإنسانية العلمية.
منذ ذلك الحين عرف (الواقع) بأنه الموجود الذي يخضع للملاحظة والتجربة. فما وراء الوجود المشاهد، وهو وجود ما بعد الطبيعة ـ لأنه لا يخضع للملاحظة والتجربة ـ (ليس واقعاً). وهذا الوجود المشاهد نفسه لا تكفى امكانية أنه
/