صحفة 170 /
الإسلام بين المثالية والواقع
لحضرة الكاتب الفاضل الدكتور محمد البهي
أستاذ الفلسفة في كلية اللغة العربية
ـ 1 ـ
1 ـ (المثالية) اصطلاح فلسفي فني يرجع إلى كلمة (مثال) التي هي وينسب هذا الاصطلاح إلى الفيلسوف الاغريقي افلاطون، ومعناه اللغوي الحرفي (النموذج الأصيل) أو النموذج الأول. وقصد افلاطون بهذا التعبير نوعا من الموجودات لا ترى بالمشاهدة في العيان، ولكنها موجودة على سبيل الحقيقة وراء هذا المشاهد، تدرك بالعقل والنظر ومع أنها تدرك بالعقل والنظر فقط، فهي الموجودات التي تستحق الوصف بالوجود قبل غيرها، والتي وجود غيرها ـ وهو ما في هذا العالم المشاهد ـ تابع لوجودها. ولهذه التبعية كان وجود غيرها أقل في الاعتبار والقيمة من وجودها هي نفسها.
وتطورت كلمة (المثال) فيما بعد إلى كل ما وراء المشاهد في الكون، من المعاني العامة، والقيم، والمبادىء، والعلة الاولى للوجود كله، التي من شأنها جميعها أن تدرك بالنظر الإنساني المحض، ولا تخضع لوسيلة أخرى من وسائل المعرفة الإنسانية سوى (العقل).
ويلقب الباحثون من الفلاسفة الذين يرون في الوجود وفي العالم موجوداً وراء المدرك بوسيلة الحس ـ بالمثاليين، وقد يوصفون أيضاً بعلماء (ما بعد الطبيعة).